إسرائيل تفتح جراح جنودها بعد 64 عاما …
عشتار نيوز/ أيمن أبو جبل
دبابة سورية في الحمة ..
جنود إسرائيل في بيت الجمرك السوري في الجولان السوري المحتل، لم يكونوا وحدهم المنسيين من ذاكرة قادتهم وألوية ووحدات جيشهم العسكرية… هناك سقط احد عشر جندي إسرائيلي قُتلوا في بيت الجمرك السوري في العام 1967 .ولم يسجلوا في اي صفحة من صفحات أرشيف الجيش الاسرائيلي… ودُفنوا بمقابر جماعية في مدينة نهاريا … واسماؤهم خُلدت على هامش قائمة القتلى في تل الفخار . لسبب لا يزال مجهولاً..
في الحمة السورية التي حاولت إسرائيل الاستيلاء عليها قبل حزيران عام 1967 …..جنود إسرائيليون يسقطون قتلى في معركة الحمة السورية عام 1951 ، وفقط بعد 64 عاما على أحداثها، يجري تكريمهم وتخليد ذكراهم في المكان الذين سقطوا فيه قتلى برصاص جنود الجيش السوري، فماذا حدث في الحمة، وكيف قُتل أولئك…
مبنى الشرطة سيطرت عليه القوات السورية في سمخ 1948( ارشيف الجيش الاسرائيلي)
بعد 64 عاما على تلك المعركة،تشهد الحمة السورية المحتلة، في شهر نيسان احتفالا كبيراً بمشاركة من تبقى من عائلات سبعة جنود إسرائيليين، وقادتهم ورفاقهم، لتدشين نصب تذكاري يخلد ذكراهم، ووفق الرواية الاسرائيلية الرسمية فانه في تمام الساعة 4.45 خرج من مقر شرطة سمخ في طبريا 21 جندي في سيارتين عسكريتين،19 شخص منهم يلبسون لباس الشرطة، في اتجاه الحمة السورية التي كانت منطقة منزوعة السلاح وفقا لاتفاقيات الهدنة بين سوريا واسرائيل، لمنع قوات سورية من دخول المنطقة بعد ان وردت معلومات الى اسرائيل ، مفادها بان السوريين يحاولون السيطرة على الحمة من خلال قوات عسكرية تلبس اللباس المدني. وفي تمام الساعة الخامسة وصلت القوة الاسرائيلية الى ” مفترق فيق “واصطدمت مع ثلاثة جنود سوريين،كانوا في المكان وحصل بينهم جدال كلامي عنيف سرعان ما تطور الى اشتباك بالرصاص ،وقُتل على اثرها سبعة من الجنود الاسرائيليين، ولاول مرة بعد حرب فلسطين عام 1948 قصفت طائرات إسرائيلية في الداخل السوري وقصفت العديد من المواقع والامكنة في كل مكان لكن الاهداف المحددة مسبقاً لم تصب باي اذى، كل كل شئ عشوائياً، كما قال بيني بيلد الذي كان يراقب العملية من طائرته التي كانت بعلو 5000 قدم…..”
اما الرواية السورية فجاءت على لسان المقدم الفلسطيني المتقاعد في الجيش السوري” حسن ابو رقبة ” مسؤول القطاع الجنوبي للجبهة الذي يشمل من الناحية التعبوية منطقة الحمة السورية حتى العام 1958 يقول :”
“عصر أحد ايام شتاء 1951 تحركت قوة مدرعة اسرائيلية مؤلفة من سبع مصفحات وسيارات نقل جنود على طريق سمخ ــ مخفر الحاصل ــ الحمة، فتصدى لها قائد الحرس الوطـني في الحمـة الضـابـط رشيد جربوع الذي كان يتقـن اللغة العبرية وموجود مصادفة في مخفر “الحاصل المرتفع″، رفض السماح للقوة بالتقدم متعللاً بمحاولة أخذ موافقة قيـادته. وهنـا سمـع قائد القوة الاسرائيلية يبلغ قيادته بالعبرية عبر اللاسلكي بوجود محاولة لمنعه من التقدم وباعتـزامه اقـتحام المخفر ومواصلة التقدم لاحتلال الحمة. عندها بادر الضابط رشيد جربوع باعطاء الأوامر الى قواته المحدودة المستنفرة بفتح النار وبمختلف الأسلحة المتوافرة على القوة المهاجمة. كما اتصل هاتفياً بالمخافر السورية القريبة وطالبها بالاشتراك فوراً باطلاق النار، مما أوقع اصابات كثيرة في القوة المهاجمة وتم اعطاب اربع مصفحات. فارتبك العدو واضطر للانسحاب جاراً العربات المصفحة المعطوبة وحاملاً قتلاه الذين بلغ عددهم على ما أذكر 11 قتيلاً عدا الجرحى. فيما لاحقته نيران المدافعين عن المنطقة حتى عادت قواته الى نقاط انطلاقها. وسارع الضابط جربوع الى ابلاغ قيادته تفاصيل ما حدث طالباً المبادرة الى اخلاء مئات الزوار الذين كانوا في الحمة آنذاك، وذلك تجنباً لما قد تتعرض له المنطقة بكاملها من اعتداءات وأعمال قصف انتقامية. وتم فعلاً اجلاء هؤلاء الزوار ليلاً وبواسطة القطار الى دمشق والقنيطرة، والى الأردن بواسطة الزوارق على نهر الشريعة. وفي اليوم التالي تأكد ما توقعه جربوع، فقام الطيران الاسرائيلي بقصف منطقة الحمة والمخافر المحيطة بها بشدة. ولكن الاحتياطات المتخذة فوّتت على العدو فرصة ايقاع اية خسائر فعلية في وسط الزوار والأهالي. ونتيجة هذه المعركة البطولية كرّمت القيادة السورية الضابط رشيد جربوع بمنحه “الوسام الحـربي” السوري.
على أثر هذه المعركة قامت اسرائيل بمحاولات متتابعة للسيطرة على المنطقة المنزوعة جنوب شرقي بحيرة طبريا وسمخ بذريعة استصلاح أراضيها للزراعة. لكن المخافر السورية كانت تتصدى بالنار لهذه المحاولات فتتدخل قوات مراقبة الهدنة لتوضح ان هذه الاعتداءات الاسرائيلية انما هي “أعمال مدنية” ولا صفة حربية لها. في حين كان الرأي السوري ان هذه الأعمال كان لها دائماً الصفة الحربية وتشمل شق الطرق الجديدة وإقامة الخنادق العديدة بحجة تأمين المياه الجارية لمزروعاتهم. وكانت قوات المراقبة تكتفي بالتشديد بعدم تكرار فتح النار. ونذكر هنا ان القوات السورية عملت على تشجير طرقات المنطقة كما أقامت بيوتاً للمواطنين الموجودين في قريتين أماميتين هما العامرية والناصرية عام 1958. الا ان معركة الحمة كانت المحاولة العسكرية الاسرائيلية الأولى والأخيرة قبل العام 1967 لاحتلال الحمة السورية التي بدأت منذ العام 1982 و العام 1933 و- والعام 1943 بحجة البحث عن معابد دينية يهودية في الجولان وحوران، بناءً على ما ذكرته اسفار المستشرق الالماني شوماخر..
الحمة السورية منطقة استراتيجية تتميز بوفرة المياه اضافة الى كون هذه المياه معدنية وكبريتية ودافئة ويمكن ان تحتوي على مادة اليورانيوم التي تستخدم في الأبحاث الذرية. هذه المزايا والعوامل ضاعفت من أطماع اسرائيل في الحمة السورية..
ويذكر ان اسرائيل انشأت بعد احتلال الحمة شركة اطلق عليها اسم “حمة جيدر”عام 1977 وهي شركة خاصة تملكها مستوطنات “مفو حمة” و”كفار حاروب” و”ميتسر وافيك” بمساحة 150 دونم تضم : المسابح والحمامات والفندق والمطاعم ومركز استشفاء حديقة التماسيح وحديقة الحيوان، وتستقبل حوالي 600 الف زائر سنوياً. وان هذه الشركـة اعلنت عن نيتها استثمار 100 مليون شاقل في تطوير منتجع الحمة وتوسيعه. ويزعم مدير الشركة روني لوتن “ان الحمة تقع داخل الحدود الدولية لفلسطين كما حددتها الأمم المتحدة في العام 1948″.
وكانت الحمة قد سقطت في العاشر من حزيران 1967 ولم يكن في القرية سوى شخصين فيها . بعد ان هرب منها الضباط والجنود السورين ومعهم كافة المزارعين والعمال الذين عملوا في الحمة، وبلغ عددهم المئات . والشخصين المتبقين فيها كانا ابن الشيخ سليمان ناصيف صاحب فندق وشركة حمامات الحمة وينابيعها وزوجته وداد سعيد ناصيف ” ختيارة القنيطرة ” الذي بقى يدير اعماله من داخل الحمه، وخلال التحقيق معه قال ان الحمة كانت تستقبل المئات من الزوار العرب بهدف الاستجمام وكذلك خبراء عسكريون روس وسوريون ومن المانيا الشرقية، وكان هناك داخل الفندق نادي صغير خُصص من اجلهم ولاجل راحتهم وادخال البهجة في نفوسهم. كما كان يطلب قادة الجيش السوري.
بعد الاحتلال الاسرائيلي تم طرد الابن والزوجة بمرافقة رجل الاعمال الاسرائيلي” زئيف سبير” الذي ادعى احقيته في املاك الشيخ ناصيف، وقدم اوراق مزورة يدعى فيها الشراكة مع الشيخ سليمان ناصيف، وحطوا في مدينة القنيطرة. حيث بقيت وداد ناصيف في المدينة ورفضت الخروج منها حتى اعادتها الى سوريا في اتفاقيات الفصل عام 1974…..
اسرائيليون في مدنية الحمة السورية عام 1933
التنقيبات الاسرائيلية في سنوات الثلاثينيات
نُشر في موقع الجولان للتنمية 24/02/2015