المخيمات الصيفية في الجولان
من الارشيف 2008 / أيمن ابو جبل
فترة الاعداد
لم يعرف الجولان السوري المحتل قبلا اي نشاط تربوي وثقافي جماهيري واسع حتى عام 1986 مع اولى بدايات العمل الكشفي الذي يعتبر بدايةً لظهور فعاليات شبابية وثقافية هدفهاالاساس الاطفال، الفئة الاكثر استهدافا في برنامج سلخ الهوية والانتماء … من خلال “فرض نظام الكشافة الاسرائيلي في اواخر سنوات السبعينيات وبداية الثمانينات” وكانت السلطات الاسرائيلية ومنذ سنوات الاحتلال الاولى تحاول منع نشوء اي ظاهرة او اي حركة تقيمها “الحركة الوطنية السورية في الجولان” حديثة النشأة ، محاولة تفريغ الجيل الجديد الذي نشأ وترعرع تحت ظلال الاحتلال الاىسرائيلي من قيمه ومفاهيمه المتوارثة. ان الرد الشعبي الجولاني الرافض للبرنامج الاسرائيلي بدمج وتفتيت المجتمع الجولاني الصغير داخل بوتقة المجتمع الاسرائيلي بعد قرار ضم الجولان الى اسرائيل ومحاولة سلخ انتماء شعبه عن وطنه الام سوريا وفرض واقع التجنيس الاسرائيلي على سكانه كان بمثابة صفعة تتلقاها اسرائيل من شعب اعزل اعتقدت انها ستتمكن من اخضاعه تحت طائلة الاغراء والتهديد والوعيد الا انها فشلت امام قرار الجولانيين بالمواجهة الشعبية السلمية…
المخيم الصيفي السنوي لأطفال الجولان، والذي تنظمه الحركة الوطنية السورية في الجولان ، يأتي ضمن النشاطات الثقافية، الهادفة إلى ترسيخ المفاهيم الوطنية والقومية لدى اطفال الجولان وتعزيز الهوية العربية السورية في ذاكرة الاجيال فمن جهة انعدام اي وجود للسلطة الوطنية السورية وغيابها عن الوعي والادراك الجولاني ومن جهة ثانية وجود برنامج حكومي صهيوني رسمي بقلب الواقع وتغييره… أقيم المخيم الأول (مخيم السنديانة- رمزاً للتشبث بالأرض) عام 1986، في محاولة من الفعاليات الوطنية للتصدي لسياسة الاحتلال ومحو الآثار السلبية، الناتجة عن قيام هذه السلطة بتغيير المناهج التعليمية السورية في الجولان بما يخدم مصالحها واستبدالها بمناهج اسرائيلية وطائفية ، ثم تلا ذلك 16 مخيماً، كانت تحمل أسماءً تتماشى مع الأحداث السياسية والوطنية، التي عاشتها المنطقة خلال هذه الفترة: مخيم الشهيدة غالية فرحات، مخيم الأرض، مخيم الوحدة، مخيم الصمود، مخيم الراية، مخيم العروبة، مخيم الجلاء، مخيم الجنوب، مخيم الشام، مخيم الغد. ثم اعتماد اسم مخيم الشام كمصطلح يترلاسخ في الذاكرة والاذهان لدى ابناء المجتمع الجولاني وخاصة الاطفال..
وقد عانى المخيم، منذ البداية، هجوماً عنيفة من قبل سلطات الاحتلال، التي زجت بمنظميه في السجون، إلا أن التفاف الجماهير حوله، وحمايته بأجسادها كما حدث في الثمانينات، حيث لف طوق بشري المخيم مانعاً شرطة الاحتلال من إغلاقه. وملاحقة منظميه وتغريمهم وزجهم في السجون تحت تهمة التحريض…
يقوم المخيم بشكل أساسي على العمل التطوعي والتبرعات من قبل أفراد المجتمع، الذين يقدمون كل متطلباته من طعام ومواد أخرى ضرورية، ويساهمون في تجهيزه وإقامة الخيم، وتجهيز الأرض، والمياه، والكهرباء، ويسهرون على أمن وراحة الأطفال، ويعدون البرامج التربوية والتثقيفية التي سيعتمدها المرشدون في عملهم مع الأطفال. حيث تبدأ التحضيرات قبل عدة اشهر من موعد بدء المخيم ..
محاربة داخلية
عانى المخيم مشاكل وازمات كبيرة، هددت استمراريته حين تواطئت مصالح فئات محلية مع مصالح الاحتلال، فعملت على انتزاع الارض المخصصة للمخيم وتم بيعها لافراد، وهي ملكاً للمشاع العام في الجولان وتعذر بذلك إقامة المخيم عليها، لأن البعض ممن اشتروا قطعة الارض هذه الأرض رفضوا السماح باقامة المخيم عليها، الأمر الذي حدا بإدارة المخيم إلى البحث عن مواقع بديلة، وهو ما كان بغاية الصعوبة لانعدام وجود قطعة أرض مناسبة جاهزة للاستخدام. وووجدت ادارة المخيم والحركة الوطنية بديلا عن تلك الارض إلا أنها كانت بحاجة إلى عمل كبير وتكاليف باهضة لتحويلها إلى أرض مناسبة لإقامة مخيم عليها، لأنها كانت بالأساس أرضاً زراعية. ولكن وجود متطوعيين ومتبرعين متحمسين ذلل هذه العقبة لتجهز الأرض قبل الوقت المحدد لافتتاح المخيم.
طقوس المخيم
يفتتح المخيم حسب الطقوس المتعارف عليها، والتي تبدأ برفع العلم العربي السوري، الذي يبقى مرفوعاً حتى نهاية المخيم،عشرة ايام متواصلة، ويتم انشاد النشيد السوري حماة الديار- النشيد الوطني للجمهورية العربية السورية، ثم أنشودة الوطن – نشيد المخيم، العلم السوري كان ضريبة رفعه تصل الى 6 اشهر اعتقال في السجون الاسرائيلية..
ويلاقى المخيم في الجولان المحتل إقبالاً كبيراً وملحوظاً من قبل الأهالي والأطفال، حيث يصل عدد الأطفال في المخيم، إلى حوالي 250-300 طفلة وطفل، في السنوات الاخيرة وبلغ ضعفي هذا العدد في سنواته الاولى، اضافة الى عدد كبير من المتطوعين والمتبرعين، وربما يعود ذلك إلى ردة فعل المواطنين على الأزمات التي يمر فيها المخيم من استجوابات وتحقيقات ومضايقات وهي رد اسرائيلي على ما يشهده المخيم من تعبير جماهيري عفوي تجاه المخيم وما يشكله من قيم ومفاهيم حساسة وضرورية لابناء المجتمع الجولاني المتعطش لممارسة نوعا من حريته واستقلاله داخل بقعة جغرافية صغيرة لفترة قصيرة من الزمن، بالإضافة إلى أنه المكان الوحيد، أو المناسبة الوحيدة، التي يلتقي بها أطفال الجولان من كافة القرى المحتلة فيختلطون ويتعارفون أحدهم مع الآخر. خاصة بعد ان نفذت السلطات الاسرائيل برنامجا لفصل ابناء القرى الجولانية عن بعضهم البعض ففصلت طلاب الثانوية في مجدل شمس كبرى قرى الجولان عن باقي طلاب الجولان.. الخ
محاولات لخلق بدائل
يوجد في الجولان نوعان من برامج المخيمات الصيفية المقدمة للأطفال والفتيان الأول يختص بمخيمات الأنشطة الصيفية الذي تتبناه السلطات المحلية المعينة من قبل اسرائيل والذي تتنافى اهدافه مع القيم الوطنيه لأبناء الجولان السوري المحتل والمعد لتغذية غرائز الطفل من خلال الفعاليات الترفيهيه البحته والتي تخلو من أي مضمون غير صقل شخصيه ماسخه واتكاليه. وتدعم تلك المجالس تلك المخيمات بامال وتتكفل بالمصاريف واضعة نصب عينها التقليل منم انتشار ظاهرة مخيم الشام ذوي التوجهات والاهداف والبرامج الوطنية والسياسية..
النوع الآخر هي المخيمات الصيفية والقائمة على جهود محليه وملتزمه هدفها نشىء أجيال تتربى على المبادىء الوطنيه وحفظ تراثها وانتمائها العربي والقومي وتقوم بتطوير أنشطة صيفية موجهة للأطفال والشباب .وتعويد النشىء على تحمل المسؤولية تجاه نفسه ومجتمعه. ويتمسك بهويته الوطنية والقومية ويفتخر بتاريخه وانتمائه
المخيم ضرورة سياسية
إن الأطفال والفتيان في المجتمع الجولاني يشكلوا ما نسبته 35% وهم محور العملية التربوية والتعليمية التي تستهدف تنشئتهم اجتماعياً ويمكن لهذه الفئات أن يكونوا عنصر تقدم وترقية اجتماعية, فمواطنة هؤلاء لابد أن تمر بالضرورة عبر إعطاء الاعتبار والاعتراف بهم كعناصر فاعلة مشكلة للمجتمع وكنتيجة لذلك تبرز مواطنتهم عبر فعلهم اتجاه المجتمع وتأثيرهم بقضاياه.
في الظروف الراهنة التي يتعرض فيها الجولان بكافة فئاته لإنتهاكات قمعية من قبل الاحتلال الاسرائيلي والتي بدورها أدت إلى زيادة الخبرات لدى الإنسان الجولاني نتاج سياسة الاحتلال في التجهيل ومصادرة الأراضي وأعمال الترويع،والاعتقال والمداهمة والملاحقة والضغط الاقتصادي والسياسي، هذا أضافه إلى تأثر قطاعات الخدمة الاجتماعية والثقافية التربوية جراء الأحداث الراهنة والتي بدورها تفرض اهمية كبيرة للمخيمات الصيفية في الجولان للرد على احتياجات الأطفال النفسية والاجتماعية الحقيقية كون الاطفال والفتيان أكثر الفئات تضرراً.من السياسة الاسرائيلية الموجهة
مع التأكيد على أن المخيم الصيفي لابد أن يقوم على مبدأ أن الإنسان يتعلم من خلال الترفيه والمتعة في جو من الاحترام والثقة المتبادلة عبر انشطة ترويحية تربوية تعبيرية إرشادية بابعاد سياسية ووطنية خاصة في ظل النقص في عدد المؤسسات والأماكن الترفيهية والاجتماعية والتربوية والثقافية .للشبيبة والا طفال في الجولان
اهداف المخيم :
1 -تغيير الجو العام على الطفل وتعبئة وقت فراغه.
2 – تعريف الطفل بوطنه ومجتمعه من خلال الرحل والتنزه والجولات .
3 -ا لسماح للأطفال بالتعبير عما بداخلهم ،وعدم الاستهزاء بآرائهم أو التقليل من قدراتهم حتى وان كانت خاطئة لان الهدف منها هو إعطاء الطفل المقدرة على حرية التعبير والجرأة في الحديث ، وإزالة الخجل ،واخراج مواهبه وابعاده عن العزلة والخوف والتردد.
4–إكساب الطفل اهتمامات ،جديدة واكتشافه لمواهبه وقدراته المختلفة
5- تعزيز وتنمية الروح الجماعية،والتعاون المتبادل بين الأفراد والجماعة .
6- خلق قيادة شبابية واعية للمتطلبات الوطنية والاجتماعية والتربوية .
7 – تعويد الطفل على الانضباط والالتزام ، وبث روح النقاش والحوار الديمقراطي .
8 — تعزيز ثقة الأطفال والشباب بمسيرة المجتمع الجولاني التحررية.
9- توفير أجواء المرح واللهو للاطفال.
عظماء اولئك الذين يبادرون في حين ان الاخرين نيام
شكل المخيم الصيفي بديلا عن ثقافة المؤسسات التعليمية الرسمية التي ترتهن الى برنامج التدريس الاسرائيلي القائم على التشوية والتزوير والتجهيل، في هذا الوقت كانت رابطة الجامعيين المؤسسة لوطنية البديلة الوحيدة التي افرزتها احداث انتفاضة الجولان ورفض الهويات الاسرائيلية. فبادرت الى التعاون مع التجارب الفلسطينية في الضفة الغربية ومدينة القدس والداخل الفلسطيني لاقامة اولى المخيمات الصيفية في الجولان فكان قرار اقامة المخيم هو تحدي واضح وعلني للسلطات الاسرائيلية التي شددت قبضتها لمحاربة المنظمين وافشال المخيم من خلال الاقامات الجبرية والاعتقالات وقد لاقت فكرة المخيم تاييدا شعبيا كبيرا..
انتشرت فكرة المخيم خلال سنواته الثلاث الاولى لتصبح مطلباً وطنيا وشعبيا لاحتضان اطفال الجولان ببيئة وطنية ونظامية، ثم سرعان ما نجحت السلطة في خلق مناوئين ومعارضين للمخيم تحت تحريض ديني وسياسي واضح.. وخلال ال عشرة مخيمات الاولى كان المخيم يفقد تدريجيا من شعبيته بسبب انحصار موارده، وانتشار الدعايات المضادة التي وقفت ورائها السلطة الا انه استطاع الصمود في ظل ظروف قاسية عنوانه الاكبر تنشة جيل واع وطنيا وسياسياً ومنتما الى هوية لا يزال الصراع قويا على محوها وتثبيتها..