الجمعة , ديسمبر 1 2023
الرئيسية / اخبار سياسية / الاخبار / اخبار محلية / قراءة أولية في كتاب “الجولان عصِيٌّ على النسيان”
nazeh brik

قراءة أولية في كتاب “الجولان عصِيٌّ على النسيان”

قراءة أولية في كتاب “الجولان عصِيٌّ على النسيان

د. نزيه بريك \ الجولان المُحتل

 nazeh brik

قبل ما يقارب الشهرين، صدر كتاب “الجولان عصيٌّ على النسيان” لصاحبه أحمد الخطيب من قرية الغجر في الجولان المُحتل. بعد صدور الكتاب بأُسبوعين أخبرني صديق بأنه رأى الكتاب وأن صورة الغلاف هي خارطة قرى الجولان التي هدمتها إسرائيل بعد الاحتلال، والتي كنتُ قد أعددتها عام 2016، خلال عملي كباحث في المرصد- المركز العربي لحقوق الانسان في الجولان، وبأنه تم حذف اسمي عن الخريطة (على ما يبدو ببرنامج “الفوتوشوب”. وبعدما تأكدتُ من الأمر قمتُ بالاتصال بالسيد أحمد الخطيب، الذي لم يسبق لي معرفته من قبل. سألته عن الأمر، فأنكر الرجل عملية حذف اسمي. وبأنه لا علم له بأن الخريطة من اعدادي، وأنه قد أخذها من أحد المواقع السورية. طبعاً كان عاجزاً أن يذكر لي اسم الموقع، وأشرتُ له، بأنه حتى لو يكن هو المُزيِّف، كان عليه، حسب قانون التأليف، أن يذكر اسم المصدر، وهذا ما لم يفعله السيد أحمد. طلبتُ منه أن يقدم الدليل على براءته من القرصنة، وإلا سأشتكيه للقضاء. بعد ثلاثة أيام زارني السيد أحمد برفقة أخيه في مكان عملي، حاملا معه نسخة من الكتاب، تحدثنا في الأمر، وكان ما زال يُنكر علاقته بحذف اسمي عن الخريطة، ولم يقدم لي اسم الموقع الذي أخذ منه الخريطة (صورة الغلاف). أخذت الكتاب وبدأت أتصفحه سريعاً، فاستوقفتني الصفحة 11، حيث يظهر فيها خارطتان للجولان، – طبعا دون ذِكر المصدر- وكل واحدة بحجم علبة السجائر، احداهن هي ذاتها الموجودة على الغلاف، ومع أنها غير مقروءة، نتيجة الحجم الصغير، لكن يمكن رؤية المكان الذي يشير بأني صاحب اعداد الخريطة، ولينطبق المثل القائل: “حبل الكذب قصيرٌ”، بل كان أقصر مما توقعتُ، وحين واجهتهُ خلال الجلسة بالأمر، أصابه الارتباك، وأحال الأمر على دار الطباعة. لم اشأ أن تنتقل الأمور إلى ساحة القضاء، فاتفقنا أن يقوم السيد أحمد بوصم الكتب بلاصقات تشير إلى مصدر الخريطة، وبأن يُنزل في أحد المواقع المحلية اعتذاراً عن مخالفته حقوق الطبع.

بعد مرور بضعة أيام وجدتُ الوقت لأبدأ قراءة الكتاب، وحين وصلتُ صفحة 140 تبيَّن لي أن كل ما كتبه السيد أحمد تحت عنوان “الاقتصاد في الجولان بعد عام 1967″، أخذه من دراسة لي أنجزتها عام 2008، بعنوان “الجولان والمياه-العلاقة بين الاحتلال ومصادر المياه”، طبعا لم يشير السيد أحمد الخطيب إلى المصدر الذي استقى منه المعلومات، ليبدو الأمر وكأنه هو صاحب الجهد في تكوين المعلومة. قمت فورا بالاتصال به، وأبلغته بالسرقة الثانية التي ارتكبها، بتجاهله عمداً المصدر. وأشرتُ إلى معلومات كثيرة وردت في كتابه كانت خاطئة، وبأن هناك محطات كثيرة في كتابه لم يذكر مصدرها. طبعا كانت ردة فعله تتميَّز بالإرباك، واللف والدوران. وابلغته بأني حين أنتهي من قراءة الكتاب، سأبحث عن حقيقة المصادر التي اعتمد عليها، حيث كان لدي الشعور بأن الأمر أكبر من ذلك بكثير.

قبل أكثر من أسبوعين انتهيتُ من قراءة الكتاب، والذي يتألف من 449 صفحة. في العادة يقوم عنوان أي كتاب على تقديم دلالة مختصرة للقارئ حول المحتوى، قبل الولوج فيه، لكن بعد انتهائي من قراءة الكتاب، وجدتُ أن العنوان كان بعيداً جداً عن وظيفته، وأن “الكاتب” اختار صيغة السَجع، لما تحمله من إيقاع موسيقي لجذب الأذن وليس أكثر. وأما المحتوى، فأقل ما يُقال عنه، ودون مبالغة، بأنه “طبيخ شحاذين”، فالكتاب يفتقد إلى تحديد الهدف الذي يبغي الوصول إليه ومن ثم ايصاله للقارئ. يبدأ الكتاب بمقدمة طويلة تمتد على 8 صفحات، عبارة عن خليط (سلطة) من المعلومات، لا تأخذ القارئ إلى هدف واضح. في المُقدمة يذكر الكاتب أن الكتاب يتألف من سبعة أبواب، لكن التقسيم الذي اعتمده الكاتب في الفهرس، يشير إلى واحد وعشرين باباً، وهذه فوضى تُقدم للقارئ صورة أولية عما سيأتي بعد المقدمة. حيث يتنقل الكاتب بين مواضيع مختلفة تفتقد لرابط موضوعي بينها، يبدا بالتاريخ الأثري، والتاريخ القديم للجولان، مروراً بالجغرافية السكانية، والدينية، والإثنية، ثم إلى الحالة التعليمية لسكان الجولان، والموارد الطبيعية واقتصاد الجولان، وبعدها إلى شبكة الطرقات، وإلى المستوطنات الإسرائيلية واقتصادها، ويتابع ليتحدث عن احتلال الجولان، وطرد السكان، ثم عن أهم المعارك التي حدثت على جبهة الجولان في حرب الأيام الستة، ثم إلى القرى المدمرة، ثم يعود إلى الحديث عن بداية الاستيطان الإسرائيلي في الجولان.

كنتُ قد جمعت ثمانية كتب عن الجولان تتعلق بالمواضيع التي تطرق لها السيد أحمد الخطيب في كتابه، وبدأت بمقارنة المحتوى، ليتبين بشكل واضح أن كتابه لم يأتي بأي معلومة جديدة، بل وأكثر من هذا فإن كل ما كتبه، هو عملية نقل واضحة للنصوص، أي سرقة من الكتب الأخرى، ووضعها في كتابه. وأهم الكتب التي سرق منها، هي: كتاب “تاريخ الجولان المُفصل”، لصاحبه تيسير خلف، لكن السيد أحمد لم يذكره في قائمة المصادر. والكتاب الثاني هو: “قضية الجولان- هضبة الإشكاليات وفجوات الحلول المحتملة”، لمأمون كيوان وعبده أسدي. وكتاب آخر هو ” درر البيان في تاريخ الجولان” لعبد الحكيم سلوم، حيث كان السيد أحمد يأخذ فقرة من هذه الكتب، يستبدل بعض الكلمات، أو يقدم فقرة على أخرى، ثم ينسخها في كتابه، لتبدو كأنها من تأليفه، وهكذا الحال في معظم الصفحات. ولأنه اعتمد أسلوب النسخ، فقد لعب دوراً إضافياً في نقل المعلومة الخطأ للقارئ. فمثلا كيف له وهو ابن الجولان المحتل أن يكتب أن عدد المستوطنات اليهودية في الجولان 45 مستوطنة، بينما العدد الحقيقي هو 35 مستوطنة، بضمنها مستوطنة ترامب الحديثة، ويكتب أن المساحة التي تم اعادتها إلى السيادة السورية عام 1974 هي 100كم مربع، مع أن الحقيقة هي 60كم مربع، ربما ارتكب هذا الخطأ، لأنه أخذ هذه المعلومة من صفحة موقع وزارة الخارجية السورية.

الحقيقة وللإنصاف، الكثير من الكتاب والأكاديميين العرب يمارسون أسلوب النسخ في التأليف، ولا يقدمون معرفة جديدة، فمن بين الكتب الثمانية التي استعملتها للمقارنة مع محتوى كتاب السيد أحمد الخطيب، هناك خمسة كتب لا تستحق بتاتاً النشر ولا القراءة.

النسخة التي قدمها لي السيد أحمد، مليئة بالملاحظات حول المصدر والصفحة لكل فقرة سرقها ونسخها في كتابه، لكن لا مجال هنا لذكرها، وإذا أراد الاعتراض على كلامي، فانا جاهز لمواجهته بالمزيد من البراهين.

 

عن astarr net

شاهد أيضاً

1-11

اعتبارًا من اليوم: إلزام السائقين بإنارة مصابيح السيارات نهاراً

اعتبارًا من اليوم: إلزام السائقين بإنارة مصابيح السيارات نهاراً  أوضحت وزارة النقل الإسرائيلية أنه اعتبارًا …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!