.. محمية قلعة نمرود ( الصبيبة)
من الارشيف / ايمن ابو جبل
بقيت قلعة النمرود في الجولان السوري المحتل غير معروفة لدى السوريين وللأسف، أما اليوم فقد أصبحت موقع أثري عالمي ومشهور تحت إشراف مديرية الآثار الإسرائيلية وتقع اليوم ضمن دائرة المواقع الأثرية والسياحية التي تديرها سلطة المحميات الطبيعية والحدائق العامة في اسرائيل، يزورها الالاف الزوار سنويا من اسرائيل والدول الاجنبية، ولدخولها يجب التنسيق المسبق لمعرفة أوقات الدوام ورسوم الدخول مع سلطة الاثار، التي خضعت لاشرافها منذ 1- 8 من العام 1973 بقرار حكومي اسرائيلي
تقع قلعة الصبيبة على سلسلة جبلية صغيرة ، ترتفع 800 م . تبلغ مساحتها 33 دونما ضمن مساحة كلية لحديقة قلعة نمرود التي تصل الى حوالي 195دونم. . يتلاءم شكل القلعة مع وضع الجبل الواقعة علية ، فهي قليلة العرض وطويلة ، يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب 450م يصل أقصى عرض لها 60م ، إضافة إلى تلك التحصينات الطبيعية ، حصنت القلعة بأسوار منيعة أقيمت فوق تلك المنحدرات ، تعلوها حصون وأبراج مراقبة ، وأقيمت داخل تلك الأسوار قلعة داخلية في الجهة الشرقية سكنها الحكام ، وقلعة أخرى من الجهة السفلى الغربية . تطل القلعة من جهاتها الأربع على مناظر طبيعية خلابة، حيث ينتصب جبل الشيخ في جهتها الشرقية الشمالية وتطل على وادي سحيق ورائع الجمال من جهتها الشمالية يشكل مانعا طبيعيا للقلعة. فيما تنبسط جبال الجليل وسهل الحولة وحديقة بانياس من الجهة الغربية. وتطل القلعة مباشرة على حديقة بانياس الواقعة تحت الحصن بكل أبهتها وآثارها وأشجارها ومياهها العذبة التي تتدفق من الحديقة عبر وادي بانياس الى نهر الاردن.
حصن النمرود وفيه احد عشر برجاً وباحات كبيرة تمكتد من الحقبة الايوبية والصليبية والمملوكية، والمعالم فيها تحكي ما شهدته القلعة من معارك للسيطرة عليها وعلى دمشق . وقد بناها العزيز عثمان حاكم بانياس، بتمويل وتخويل من حاكم دمشق الملك المعظم. لعرقبلة الملك فريدريك الثاني من الوصول الى دمشق والمناطق التابعة لها، الخاضعة لسلطة أخيه الملك المعظم. وهنا أوعز الملك المعظم (ملك دمشق) إلى أخيه العزيز (حاكم بانياس) ببناء حصن الصبيبة. فبدأ العزيز عثمان عام 1227 ببناء الحصن الذي استمر 3 سنوات، حتى العام 1230، تم في ختامها بناء الحصن المنيع للقلعة بشكلها الذي نراها عليه اليوم، حيث أخذت القلعة شكل التل الذي بنيت عليه، مستفيدة من الانحدارات الشديدة له، التي غدت جزءًا مهماً من التحصينات. وتم توسيعها زمن الظاهر بيبرس، من آثار تحصينات وبقايا أبراج ومباني سكنية وسجن وبركة ماء وجدران وسلالم حجرية ومطلات ومقاعد حجرية متناثرة بين جنبات القلعة. اضافة الى الأشجار الطبيعية المنتشرة على طول القلعة مثل السنديان والغار والزيتون.
سميت القلعة قديما على اسم مرابط الجيوش او مرابط الجند (صبّا) حيث أقيمت قلعة صغيرة في المكان في الفترات القديمة. تم تجديدها في القرن الثالث عشر للميلاد عندما بناها الأيوبيون خلال صراعهم مع الصليبيين وأطلقوا عليها اسم قلعة (الصبيبة) تصغير كلمة (صُبّة) ومعناه فرق الجند وهو اسمها القديم كما ذكرنا. وبعد كر وفر وقعت القلعة في قبضة الظاهر بيبرس في فترة المماليك وهو الذي جدد بناءها بالشكل الذي نعرفه اليوم.
في عام 1260 قضى المغول على حكم الأيوبيين، واحتلوا القلعة وعاثوا فيها خرابًا بعد أن سيطروا على بانياس والمنطقة بأسرها. لكن احتلالهم لم يستمر طويلًا، وسيطرتهم على القلعة لم تدم سوى بضعة أشهر، حيث هزم المغول في معركة عين جالوت الشهيرة. وفي عهد السلطان الظاهر بيبرس أعاد ترميمها وأنشأ منارة لجامعها وبنى دار ًا لنائب السلطنة، وعمل جسرًا يمشى عليه إلى القلعة.
بعد أن تم طرد الصليبيين من بلاد المسلمين في القرن الثالث عشر، فقدت هذه القلعة ذكرها وأهميتها الإستراتيجية، ويقول المرحوم أحمد وصفي زكريا بكتابه الريف السوري ” يبدو أنها ظلت مأوى للزعماء الإقطاعيين في أيام السلاطين المماليك والعثمانيين” وتحولت الى سجن في فترات متعددة لسجن الوطنيين والثوار المناهضين للحكم العثماني والفرنسي .
خلال الثورة السورية (1925م – 1927م) أقام الفرنسيون في هذه القلعة حامية لمراقبة حركات الثوار وقطع الطريق عليهم، إلى أن انتهت الثورة فعادت لخلوها واقفرارها.