حرب هوية في الجولان المحتل: اعتصامات واضرابات رفضا للانتخابات ومحاولات التهويد الإسرائيلية
3 – نوفمبر – 2018
هبة محمد/ القدس العربي
دمشق-“القدس العربي”: استنفر أهالي الجولان المحتل، في معركة الهوية عازمين على إسقاط الانتخابات المحلية التي يجريها الكيان الإسرائيلي لأول مرة، بالرغم من مرور 51 عاما على احتلاله لهضبة الجولان السورية، فلم تزل إسرائيل تحاول إقامة سلطات محلية منتخبة تابعة لداخليتها في بلدات الجولان ما يعني منح المواطنين هناك بطاقات هوية ومواطنة إسرائيلية، الأمر الذي قوبل بالرفض والاعتصام والمقاطعة. بيد ان انتقادات لاذعة لاحقت بعض المعتصمين الرافضين لـ “حملة التهويد” ممن رفعوا صورا للأسد الأب المتورط في بيع الجولان السوري تحت يافطة “الممانعة” وكذلك بسبب إعلانهم التأييد للأسد الابن الذي تنازل عن سوريا للاحتلالات المتعددة مقابل بقائه في سدة الحكم.
السطات الإسرائيلية بدأت في الثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر الفائت، أي قبل أيام، بإجراء انتخابات للمجالس المحلية في معظم الأراضي التي تسيطر عليها، بما فيها الجولان السوري المحتل الذي انتفض أهله رفضا لقرار وزارة الداخلية الإسرائيلية وتعطيلا للعميلة الانتخابية، على اعتبارها محاولة تهويد تهدف إلى فرض السطوة وإجبار المدنيين على التبعية المباشرة لوزارة الداخلية.
وعمدت الداخلية الإسرائيلية، مؤخرًا، إلى تعيين مجالس محلية مؤقتة من أجل إدارة شؤون السكان، إلا أن السكان يقاطعون هذه المجالس خشية اعتمادها بشكل رسمي من قبل السلطات الإسرائيلية.
ما يحصل في الجولان في رأي خبراء ومراقبين هو تكريس للبيعة التي قام بها حافظ الأسد في السبعينيات، وفي هذا الإطار قال الكاتب والمحلل السياسي أمير سري الدين انه كما استطاع الكيان الصهيوني انتزاع موافقة أمريكا بنقل السفارة إلى القدس اليوم يستغل الموقف نفسه لضم الجولان إلى الأراضي المحتلة رسميا والانتخابات ما هي إلا تكملة لضم السكان الأصليين من الدروز السوريين وإجبارهم على القبول بالهوية الإسرائيلية التي جوبهت بالرفض من قبل الأهالي منذ احتلاله.
التمسك بالهوية
ورأى ان ذلك يعتبر جزءا لا يتجزأ من المؤامرة الحاصلة على الأمة العربية جمعاء بشكل عام وعلى الموحدين بشكل خاص، فمنذ الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له محافظة السويداء، إلى محاولة التضييق على دروز لبنان ومحاولة زرع الفتنة الداخلية بينهم ترافق مع ظهور قانون القومية الذي يجعل من الدروز مواطنين من الدرجة الرابعة لإجبارهم على القبول بالمشروع الجديد المرسوم في سوريا عموما وفي السويداء خصوصا.
الانتخابات المحلية التي تفرضها إسرائيل، أنتجت حالة من الغضب في البلدات المحتلة رفضا للتطبيع والقبول بالهوية الإسرائيلية، حيث أصدرت “خلوة مجلس شمس” المجلس الديني الأعلى لقرى الجولان المحتل، بيانًا لمقاطعة الانتخابات، كما دعت الهيئة الدينية والاجتماعية والحراك الشعبي في الجولان المحتل للمشاركة في اجتماع عام في مقام يعفوري (ع) لتجديد الرفض والاعتصامات.
وبشعارات التمسك بالجذور العربية، و”حفر الهوية على صخور البازلت والجولان سورية ومش ناقصها هوية” أعلن أهالي الجولان إضرابا عاما رفضا لممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التهويدية، متعهدين بتجديد المقاومة في وجه الاحتلال، حيث يواصل أبناء بلدات مسعدة ومجدل شمس وعين قنية وبقعاثا نشاطهم بتنظيم تظاهرات ووقفات احتجاجية قبالة المقرات الانتخابية وصناديق الاقتراع تعبيرا عن رفضهم التصويت. بيد ان المعتصمين رفعوا صورا للأسد الأبن والأب، وهو ما يراه مراقبون محط تساؤل واستفسار عما إذا كان هؤلاء يعلنون بهذا تأييدهم لصاحب الصفقة الذي باع الجولان قبل نحو 51 عاما.
تناقض المواقف
المحلل اللبناني سري الدين، قال انه بالرغم من ان أهالي قرية الغجر العلويين أبدوا قبولهم بالهوية الإسرائيلية وحصلوا عليها، يبدو ان الغريب في الأمر ان البعض من أهالي الجولان ما زالوا يرفعون شعارات وصورا لمن باع الجولان ومستمر في بيع سوريا للاحتلالات المتعددة كرسالة لإظهار موقفهم الرافض للاحتلال وهذا ما يعتبر تناقضا لما يطالبون به، فرفض الهوية لا يلتقي مع التأييد لصاحب الصفقة الممانع ظاهريا.
وانتهى المتحدث بالقول، أخيرا نستنتج ان الحصار والتضييق على الموحدين من قبل إسرائيل وحلفائها العلنيين والسريين ما زال مستمراً ولن يتوقف بهجوم إرهابي مفتعل أو بقانون عنصري أم بمحاولة لإخضاعهم، فالمؤامرة مستمرة ووقفة أهالي الجولان المشرفة ليست إلا محطة من محطات المواجهة الحقيقية بعيدا عن الشعارات الزائفة التي استهلكت من قبل النظام ودفع ثمنها الشعب السوري من قتل ودمار وتهجير، بكافة أطيافه وطوائفه وما زال يدفع الثمن حتى اللحظة.
من جانبها أعلنت الهيئة الدينية والفعاليات الاجتماعية في الجولان المحتل، عن إضراب عام في كافة المدارس احتجاجا على ما وصفتها بالممارسات اللاإنسانية وتأكيدا على رفض مشروع الانتخابات وعدم شرعية المجالس المحلية في الجولان، جاء ذلك بعد إعلان رجال الدين الدروز وضع الانتخابات تحت “طائلة الحرم الديني”، كما أكدت خلوة مجدل شمس، في اجتماع حاشد استمرار سريان الحرم الديني على المرشحين لرئاسة المجلس المحلي وأعضاء قوائمهم، ودعا المجتمعون إلى الاعتصام أمام صناديق الاقتراع، وتعميم الاضراب.
وناشد المجتمعون المعتصمين الابتعاد عن العنف بكافة أشكاله، مع أخذ الحيطة من “مندسين” قد يحرضون على استعمال العنف، وأصدر المجتمعون بيانا أقر بـ “حرم ديني ومقاطعه اجتماعية بخصوص أمر انتخابات المجالس المحلية”.
وجاء فيه “بعد الأخذ والرد والمداولات والمفاوضات مع المرشحين، وبعد فلج الحجه عليهم وبراءة الذمة من قبل الشرفاء الأحرار في الجولان العربي السوري المحتل وبسبب تعنتهم وتحديهم لمجتمعهم واصرارهم في الخروج عن الاجماع الوطني والشعبي، تقرر انه بناء على البند الخامس من الوثيقة الوطنية للمواطنين العرب السوريين في الجولان المحتل والتي هي دستورنا الوطني والذي ينص على عدم شرعية المجالس المحلية لكونها عينت من قبل سلطة الاحتلال الإسرائيلي وتتلقى تعليماتها منه ورؤساء وأعضاء هذه المجالس لا يمثلوننا بأي حال من الأحوال، واستنادا إلى البند السادس من الوثيقة الوطنية بأن الأشخاص الرافضين للاحتلال من خلال مواقفهم الوطنية الملموسة هم الجديرون والمؤهلون للإفصاح عما يختلج في ضمائر ونفوس أبناء مجتمعهم، واستناداً إلى البند الخامس من الاتفاقية التي حصلت بين فضيلة المرحوم سيدنا الشيخ ابو يوسف امين طريف والمرحوم فضيلة الشيخ ابو محمود سلمان طاهر ابو صالح وتوقيعهما يوم 19 تموز/يوليو 1984 والذي يقول بأن الحرم الديني قد استعمل ضد الجنسية الإسرائيلية ومن يستلمها من سكان الجولان المحتل .. تقرر إلقاء الحرم الديني وسخط رب العالمين على المرشحين الأربعة والأعضاء المشتركين معهم. وفرض المقاطعة الاجتماعية عليهم حيث لا يسمح لهم بالمشاركة لا في الأفراح ولا في الأتراح ولا تصلى جنائزهم عند وفاتهم إلى ان يعودوا إلى رشدهم ويتراجعوا عن خطوتهم التي تمثل خدمة مباشرة للاحتلال وتحديا للإجماع الشعبي للمجتمع الشريف، قررنا قرارنا هذا بعد التوكل على الله تعالى وايمانا منا بصدق قضيتنا وعدالتها وحفظا وصونا لإرث آبائنا وأجدادنا رضوان الله تعالى عليهم”.
بيان تحريم
والتف أهالي الجولان وراء البيان الصادر عن “اجتماع اليعفوري” معتبرينه بيانا رسميا يمثل الهيئة الدينية والاجتماعية، حيث رفضوا الانتخابات تحت “طائلة الحرم”. وحسب موقع “جولاني” الإخباري، فقد ناقش وجهاء الجولان قضية انتخابات المجالس المحلية، حيث أكدوا الرفض المطلق لإجراء تلك الانتخابات ووضع كل من يقبل التعاطي أو المشاركة في هذه الانتخابات تحت طائلة الحرم الديني والاجتماعي، وجاء في البيان “نحن أبناء الجولان السوري المحتل والمجتمعين اليوم في مقام أبي ذر الغفاري عليه السلام لمناقشة قرار وزير الداخلية الإسرائيلي والقاضي بإجراء انتخابات للسلطات المحلية في قرانا الأربع ولاتخاذ موقف موحد من هذا القرار”.
وتابع البيان “استناداً إلى إرثنا الوطني الناصع آخذين بعين الاعتبار سلمنا الأهلي وثوابتنا الوطنية، وتمسكاً منا بالهوية السورية للجولان أرضاً وشعباً، ووعياً منا لأبعاد هذا القرار الذي يرمي إلى إضفاء الشرعية على مؤسسات غير شرعية أصلاً تمثل سلطة الاحتلال، وبناءً على ما تقدّم نعلن رفض قرار وزير الداخلية الإسرائيلي والقاضي بإجراء انتخابات للسلطات المحلية في قرانا الأربع، ولا نقبل التعاطي مع هذا القرار مُطلقاً شكلاً ومضمونا”.
وأضاف “نرفض المشاركة في أي عملية انتخابية ستفرز في النهاية مَن يُمثل السلطة المحتلة ويأتمر بأمرها، ونعتبر هذا القرار محاولة لزرع الفتنة وتفتيت المجتمع وإشغاله بنزاعات داخلية ليُسهل على سلطة الاحتلال تمرير مشاريعها التهويدية، ونؤكد على أهمية التمسك بالوحدة الوطنية لكافة أبناء الجولان وعلى اختلاف آرائهم السياسية، وذلك من أجل مواجهة مخططات الاحتلال التي كثُرت في الآونة الأخيرة والرامية إلى قنص هويتنا السورية، مستغلة الأوضاع المأساوية والمؤسفة التي يمر بها وطننا الغالي. ان كل من يقبل التعاطي مع هذا القرار سيكون خارجاً على اجماعنا الوطني ويمس بالثوابت الوطنية الموروثة، ويشكل طعناً لكرامة هذا المجتمع في الصميم، ويقع تحت طائلة الحرم الديني والاجتماعي” حسب المصدر.