مسرح عيون.. يغني مشروعه في ورشة عمل في الفن الإيمائي
عشتار نيوز للاعلام والسياحة / مسرح عيون
من ارشيف موقع الجولان/ ايمن ابو جبل
27/12/2009
هي ليست حالة ثقافية فنية قائمة في الجولان،كالحالة المسرحية التي أرساها طاقم العاملين في مسرح عيون،خلال العقد الاخير في الجولان المحتل، وإنما هي تجربة أولى لم يعتد الجمهور الجولاني والقائمون على المسرح في جمعية جولان للتنمية، وطاقم مسرح عيون ايضاً عليها..فهي تجربة جديدة ما زالت في الحالة الجنينية.. فان كان فضل انطلاق مفهوم الحالة الثقافية المسرحية من خلال مسرح عيون في الجولان يعود الى العشرات من أولئك الجنود المجهولين من الجولان المحتل وقرى وبلدات فلسطين في مناطق الجذر الفلسطينية عام 1948، الذين ساهموا في ارتقاء الحالة الثقافية المحلية في الجولان، وتأسيس خشبة مسرحية تحتضن المواهب الرائعة التي يختنزها الجولانيون، فان فضل ترسيخ التجربة المسرحية في الوعي والذهن الثقافي المحلي في الجولان يعود الى تلك الأحلام والطاقات والإبداعات التي تعيش في ذوات المشرفين على المسرح الكاتب معتز ابو صالح، ورواد المسرح من الطلبة الذين تتزايد أعدادهم في التسجيل للتعلم والاستفادة في مسرح عيون..
خلال مسيرته انار مسرح عيون اضواءه بعدة أسماء لايمكن المرور عنها حين نتحدث عن تجربة جديدة قاسية وصعبة يخوضها مسرح عيون هذه الأيام مع الفنان الفلسطيني القدير سعيد سلامة ابن مدينة شفاعمرو، اذ لا بد من الوقوف امام الجهد الكبير الذي بذله أولئك الأوائل الذين عايشوا الجولان تجربته الرائدة الجدية في المسرح إيهاب سلامة ونعمة زكنون ونزار خمرا وخليفة ناطور وايمن نحاس وأمال قيس، واشرف حنا .. جميعهم كانوا سببا في استمرار الشعلة التي ما زال تتقد في مسرح عيون هذه الأيام..
سعيد سلامة.. بصمته يعكس حالة من الانتماء لهذا المجتمع الجولاني الذي احبه وعشقه، فهو امتداده الوجداني، فهو متابع ومراقب للحالة الثقافية الجولانية ، وخاصة المسرحية، استضاف طلبة مسرح عيون اكثر من مرة في مدينة شفاعمرو خلال مهرجان التمثيل الصامت السنوي، وكان ضيفا في عدة عروض في التمثيل الصامت في الجولان خلال السنوات الماضية، الجولان بالنسبة اليه قضية تستحق اهتماما خاصاً مميزاً وهذا احد اسباب قبوله المشاركة في تجربة الورشة التي يؤديها مدرباً مع طلاب مسرح عيون بهدف تطوير قدرات الحركة وتعلم كيفية استخدام الجسد وهذه دروس مهمة ومتقدمة في العمل المسرحي، وعلى امل ان تحتتم هذه الورشة بعمل مسرحي في الجولان المحتل.
العمل الايمائي” التمثيل الصامت” الذي يشرف عليها الفنان سعيد سلامة مع طلاب مسرح عيون،في الجولان، هي تجربته الرائدة حصراً ليس في الجولان فقط وانما في مناطق الجذر الفلسطيني عام 1948 فهو الفنان الوحيد في الوسط الثقافي الفلسطيني في الداخل الذي لامس الفن العالمي الانساني، ونقله كتجربة ثقافية الى الجمهور الفلسطيني بعد دراسته الفنية لدى الفنان الفرنسي جاك ليكوك وفي معهد مارسيل مارسو في باريس،
فالفن بالنسبة اليه هو خندق الشعوب الأخير. خندق الدفاع عن المُثل الاخلاقية “الحرية والسلام والديمقراطية والتعددية، والفن الإيمائي الصامت هو جزء من تلك الهموم والاحلام الانسانية التي تميزنا على اننا شعبا يعشق الحياة بكل مركباتها…
وعن تجربة التمثيل الصامت يقول سعيد سلامة:في هذا الزّمن “الرّديء” كثُر الكلام ونحن جميعًا تعبنا من الكلام. وأنا بالمناسبة لستُ من أنصار مقولة “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، فهناك فرق ما بين السكوت وما بين التمثيل الإيمائي. المقالات والسياسة والشعر وجميع المشاهد الخطابيّة أمست لا تؤثر بالناس. الصّمت سيحدث التغيير المنشود. الصمت أحيانًا أقوى من الكلام بالذات في ظرفنا هذا.. التعبير عن الأشياء عن طريق الجسد والأيماء يلتقطها العقل بشكل أفضل، فكم من مسرحية ناطقة لم يفهمها الجمهور؟ من كثرة الكلام فقدنا الإحساس بالكلمات. بينما في البانتوميم سيفهم الجمهور كل شيء تريد أن “تقوله” لأن لغة الجسد هي لغة عالمية مُوحّدة؛ فالوجه الحزين هو الوجه الحزين في كل مكان وكذلك الوجه المبتسم!”
البانتوميم ..أو فن التَّمثيل الإيمائي
يعود أصل كلمة بانتوميم الى اللغة الإغريقية، وهي مشتقة من كلمتين: (Panto) وتعني كل شيء و(Mimeomai) وتعني أقلِّد، ومن مجموع هاتين الكلمتين انبثق مصطلح البانتوميم أو فن التمثيل الإيمائي الذي يعني فن التقليد أو فن المحاكاة لكل ما تحتويه الحياة. إن الفنون كلها – كما هو معلوم – وليدة طموحات الناس لينقلوا ما يحيط بهم من أشياء وظواهر، وهذا الكلام ينطبق على المراحل المبكرة من تطور الفنون ومن المؤكد أنه في تلك المراحل المبكرة بالذات كان يُطلق اسم بانتوميم على المَشاهد الراقصة الصامتة والحركات والأفعال والإيماءات التي كانت كلها تجسِّد الحياة الروحية لتلك الشعوب القديمة عندما تريد أن تعبِّر عن سعادتها بعد انتصارها في المعركة، أو عودتها من صيد وفير، أو احتفالها بزفاف أو قيامها بالطقوس الدينية. وفي وقت متأخر عندما تطور العقل البشري والحسِّ الجمالي، وأخذ فنانو البانتوميم يراقبون ويجسدون السلوك المميز لفئات من الناس من تجار وجنود وفلاحين ورهبان.. إلخ.. عندئذ تجاوز هذا الفن المفهوم البدائي لهذه الكلمة ووصل الى درجة أرقى، واكتسبت كلمة بانتوميم مفهوماً فكرياً جديداً. ولكن أهم تطور حدث في المفهوم الفكري لفن البانتوميم هو ما جرى في القرن العشرين، حيث توفرت للفنان مواد جديدة جعلته أكثر تفاعلاً وإبداعاً وتحليلاً ودراسة، وبالتالي أغنتْ تجربته وأثَّرتْ على إبداعه في تجسيد الشخصية التي يمثلها.