الغجر قرية سورية محتلة طواها النسيان
عشتار نيوز للاعلام والسياحة/ معالم جولانية
تقرير: ايمن أبو جبل
قرية الغجر
في الطريق إلى قرية الغجر، لا تستطيع عيناك أن تتجاهل هذه المساحات الواسعة من الأراضي البعلية التي أحاطتها الأسلاك الشائكة، ولا تستطيع أن تتجاهل تلك الرادارات الحرارية المنتشرة في أعالي التلال المحيطة داخل مزارع شبعا، التي اخترقتها الطرق العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
تستغرقنا الطريق من مجدل شمس إلى قرية الغجر حوالي 20 دقيقة، لا تستطيع إلا أن تجول في خاطرك وتتقاذفك الأفكار والأحلام وبحر من التساؤلات… هنا بقايا بيوت وأحجار منتشرة على مساحات واسعة تكسوها الأعشاب وحقول الألغام.. وهناك مدافن قد بنيت بعناية واهتمام تدل على أهمية ساكنيها، تحت التراب، وبينهما تفوح رائحة حياة قديمة لأناس كانوا هنا، في هذا المكان. نقترب قليلا من مشارف القرية، وتتراءى أمامك الأسلاك الشائكة، التي غرست بعناية لاستبدال الزمان والمكان والجغرافيا العربية السورية الممتدة منذ قرون طويلة.. هنا أشياء هي أسماء لأمكنة مهجورة، تركها أهلها خوفا أو رعبا من قمع الاحتلال الإسرائيلي.
في الطريق إلى قرية الغجر، يقتحم الواقع كل الأحلام، ويسرق عنوة روعة المكان وهدوءه. إلى اليسار من الطريق استولى المستوطنون اليهود من مستعمرة “كفار يوفال”، التي أقيمت على أراضي قرية “الحميرية” اللبنانية، على قسم من أراضي كانت تعرف يوما قرية “شوقا التحتا”. وإلى اليمين تقاسمت مستعمرتا “دان” (تل القاضي) و “دفنه” القسم المتبقي من أراضي “شوقا الفوقا”، التي سكنها العرب السوريون، وانضم إليهم بعضا من اللاجئين الفلسطينيين بعد النكبة الفلسطينية، حتى زمن النكسة الحزيرانية عام 1967. ولم تسلم أراضي قرية الغجر،ومغر شبعا ،والعباسية التي أسسها على الأراضي السورية الشيخ أبو العباس إسماعيل، النازح من إحدى مناطق فلسطين، من جشع وطمع المستعمرين، حيث صودر القسم الأكبر من الأراضي العربية، بعد أن جفت عنها المياه، والتي تعود ملكيتها إلى أهالي ومواطني قرية الغجر، في مناطق كانت مزروعة ومروية بعرق الأجداد والإباء. كانت تسمى يوما “سهام الطوال”، “البحصاص”، “صفوات”، “حقلات الماش”، “سهام الغزلان”، “النعص”، “وادي العصافير”، “جل الغيلان”، و”الكسارة”. كانت تعطي مواسم ومحاصيل وفيرة كالبندورة والسمسم والفستق والبازلاء، علماً أنه قبل عام 1967م كانت القرية تصدر المحاصيل الزراعية والفواكه والحمضيات إلى الأسواق السورية في مدينة دمشق (“سوق الهال”) ومدينة القنيطرة وأسواق قرى الجولان ونواحيها.
وأنت تستعد لدخول قرية الغجر، تجبرك مجموعة من الجنود الإسرائيليين، المرابطين على مدخل القرية، إلى العودة إلى مرارة الواقع… تبطئ بنا السيارة ونظهر بطاقاتنا الشخصية، التي تخضع للفحص والتدقيق… يحتجزونها، ويسلموننا “بطاقة شخصية” أخرى، هي عبارة عن رقم مجرد، رقم هو اسمك وعنوانك وهويتك، مجرد رقم واحد يختزل وجودك وعالمك خلال مكوثك داخل قرية الغجر، حيث يحظر عليك كما تقضي التعليمات الإسرائيلية تجاوز الساعة العاشرة ليلاً، و تجاوز مقر المجلس المحلي الكائن في الحارة الجنوبية من القرية، حيث رُسمت حدود التقسيم الدولية رسما وهمياً من الجو، بعد أن منع السكان قوات الأمم المتحدة من دخول القرية، والتي عرفت بالخط الأزرق-“خط لارسن”، حيث فصل بين دولتين داخل حدود قرية واحدة… وإن خالفت ما ذكر من تعليمات فانك تعرض نفسك إلى تهمة “اجتياز الحدود إلى دولة معادية”.
الحاجز الإسرائيلي هو عبارة عن كتل من الاسمنت والأسلاك الشائكة، والى يسارها تربض مجنزرة أو دبابة إسرائيلية، يحرسها احد الجنود، والى اليمين من الحاجز أقيمت خيمة، هي بمثابة مقر متحرك للجنود الإسرائيليين، مزودة بالأجهزة والاتصالات اللاسلكية المتطورة، ومنصة صغيرة مصوبة نحو الطريق في وضعية الاستعداد لإطلاق النار. هذا الحاجز أو “المحسوم” (بالعبرية) مصطلح أصبح مُعرّبا في الحياة اليومية لمواطني قرية الغجر. “محسوم” أو حاجز ثُبت في المكان ، هو عنوان أخر للاحتلال، ووجه آخر للذل اليومي والإهانة الإسرائيلية المستمرة لكرامة الإنسان العربي في الأراضي السورية المحتلة.
نتقدم قليلا وببطء شديد لندخل”المحسوم” ( بوابة قرية الغجر الرئيسية الوحيدة)، تلك البوابة التي حاولوا أن يوهموا العالم أنها الحدود الشمالية الأخيرة للدولة العبرية، بعد الانسحاب من جنوب لبنان، تلك التي تحكم على المئات من أبناء قرية الغجر بالحياة أم الموت. الموت، إن أغلقوها بوجههم وبقوا داخلها وبقيت أراضيهم وبساتينهم خارجها، لتكون سائبة أمام الإسرائيليين حكومة ومستوطنين، والأمر سيان…
بين آلام الماضي وقسوة الحاضر وغموض المستقبل، يستمر إغفال تاريخ هذا الجزء من الأراضي السورية المحتلة، وتناسي تفاصيله اليومية، والمستقبلية، وبين الإغفال والتناسي، هناك شعب ما زال مؤمنا بحتمية الانتصار، وسيادة الحق، لأن إرادة الانتماء أقوى، الانتماء إلى شعب ودولة وتاريخ وحضارة، يرفض تبديل انتماء أرضه وهويته وإنسانه العربي السوري، في هذا الجزء الغالي من ثرى الجولان العربي السوري المحتل.
الغجر تحبس جراحها طويلا، فلا هي راضية عن واقعها ولا هي قادرة على تغييره. حين فرضت إسرائيل جنسيتها على مواطني قرية الغجر، كان موتهم رابضا فوقهم يطاردهم ويهدد وجودهم… الأرض هي كرامة الفلاح، فمتى فُقدت أرضه فُقدت كرامته، وهل يستطيع فلاح تسليم أرضه طواعية؟ وهل كان بمقدور مواطني قرية الغجر مواجهة التهديد بسلخهم عن أرضهم وإغلاق بوابة الحياة أمامهم؟ وما هي الخيارات التي فرضت عليهم واختارها وجهائهم؟ وهل كانت الجنسية الإسرائيلية هي بطاقة الأمان، لضمان الأرض من الضياع؟ وهل يستبدل الانتماء الراسخ ببطاقة ورقية، أو ممغنطة، أو أي كانت؟؟؟
للغجر ومواطنيها قصة أخرى، قد تبدو غامضة ومنسية، إن كان التاريخ المحكي عادلا. فهل يجوز أن لا يكون التأريخ أكثر عدلا وأكثر إنصافا؟ وان كانت الأحداث قد أبعدتنا عن تحسس موضع جراحنا، فهل ننسى وجود جراحنا؟ ولمن نرفع شكوانا على هذا الواقع الذي ابعد أشقاء لنا من تفاصيل أيامنا اليومية، وأبعد حضور أشقاء لهم عن حمل هموم ما زالت تتقيح كالجراح؟
الغجر قبل الاحتلال الإسرائيلي:
الغجر، طرنجه، المثلث، أسماء عدة وانتماء واحد. انتماء للزمان والمكان والتاريخ والكيان الواحد. هي قرية عربية سورية محتلة تقع على الجهة الشرقية لنهر الحاصباني، وعلى السفوح الغربية لجبل الشيخ على ارتفاع يبلغ 310م عن سطح البحر. تتبع إداريا إلى ناحية مسعدة وفق التقسيم الإداري السوري قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967.
حدودها شمالا أراضي المجيدية والماري اللبنانية (“أراضي الشيخ نجيب قيس”)، وجنوبا أراضي “شوقا الفوقا” حتى الجسر الرومي، وهي قريبة من مستعمرتي “دان” و”دفنه”، ومن الشرق أراضي “النخيلة” وجبل الشيخ، ومن الغرب نهر الحاصباني.
هذه القرية التي اكتسبت اسمها من الأكراد الذين سيطروا على أراضيها قبل 200 عام، بأمر من الباب العالي العثماني، هاجر إليها أهلها من أبناء الطائفة الإسلامية “العلوية” من شمال سوريا أيام السلطان العثماني سليم الأول، بعد معركة مرج دابق التي وقعت قرب حلب عام 1516م بين دولة المماليك والعثمانيين. سكان القرية سكنوا منطقة الجولان، وأقاموا ثلاث قرى علوية هي: زعورة، عين فيت، وطرنجة (الغجر).
ذاق أهالي قرية الغجر الأمرين أيام الاحتلالين التركي والفرنسي لسوريا، إسوة بباقي سكان المنطقة. هذه القرية التي يفخر بها أهلها هي قرية سورية بأهلها وأراضيها، والطابو التركي (سند خاقاني) الذي صدر قبل مائة سنة، أي في عام 1323هجرية، يثبت بأنها كانت تابعة لمحافظة حوران قضاء القنيطرة، وهو يبين تبعية أراضيها وحدودها من الجهات الأربع.
“الماري” كما نراها من قرية الغجر
الاسم الحقيقي لقرية الغجر إذاً هو “طرنجه” حيث استبدل الأكراد اسمها إلى “الغجر”. وقبل عدوان حزيران 1967، اتفق أهالي القرية مع السلطات الوطنية السورية على تغير واستبدال اسم القرية إلى قرية “المثلث”، لأنها تقع في زاوية الحدود اللبنانية السورية الفلسطينية.
في بدايات سنوات العشرين من القرن المنصرم، حيث كانت سوريا تخضع لنير الاحتلال الفرنسي، تم تسجيل سكان الجولان جميعا بما فيهم سكان قرية الغجر في السجل المدني السوري “سجل النفوس″، الذي كان يتبع إلى سجل نفوس مدينة القنيطرة، وما زال مختار القرية، الذي كان مختار قرية العباسية وقرية شوقا الفوقا أيضا، يحتفظ بنسخة منه لغاية اليوم كأمانة وطنية يحملها إلى الأجيال القادمة. إضافة إلى وجود رخص البناء والمستندات الرسمية وسندات دفع الضرائب والملكية وتسجيلات الطابو، وخدمة شباب القرية في الجيش، مختومة بالختم السوري منذ العام 1941. وخضعت القرية إداريا وقانونيا بعد الاستقلال الوطني إلى ناحية مسعدة، التابعة بدورها إلى محافظة القنيطرة، عاصمة الجولان الإدارية والثقافية والاقتصادية والسياسية.
الغجر تحت الاحتلال:
احتُلت قرية الغجر في العام 1967، ومنذ أيام الاحتلال الأولى أحيطت القرية بسياج عسكري من جهاتها الأربع، ولم يبق لها سوى بوابة واحدة تغلق في وجه زوارها حتى يثبتوا هويتهم، وأحيانا في وجه سكان القرية أنفسهم. لا يستطيع السكان الخروج من القرية أو دخولها إلا عبر هذه البوابة، ومن أراد زيارة أصدقائه داخل القرية عليه أن يضع هويته عند الجنود الإسرائيليين الذين يحرسون البوابة، ومن أراد أن يمكث للمبيت في القرية من الزوار كان عليه أن يحصل على تصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي.
دخل الجيش الإسرائيلي إلى القرية وابلغ السكان، بعد ستة أيام من الحرب، بان القرية تابعة إلى لبنان وانه سينسحب منها. وعندما سأله السكان: “وما هو مصير أراضي القرية”؟ أجاب أن أراضي القرية تابعة إلى الدولة السورية، فهي تقع ضمن الاحتلال الإسرائيلي التي احتلها، أما بيوت القرية فهي ضمن الحدود اللبنانية، حسب وثائق وخرائط معاهدات الدفاع العربية المشتركة الموقعة بين الدول العربية المواجهة (مصر سوريا لبنان الأردن)، الأمر الذي رفضه وجهاء وشيوخ وأبناء قرية الغجر، البالغ عددهم آنذاك 300 شخص، بعد أن نزح عنها وهاجر منها بعد الحرب حوالي 350 شخص إلى الحدود اللبنانية، لكن السلطات اللبنانية لم تسمح لهم بالمكوث في أراضيها لأكثر من يومين، حيث جاءت بالباصات ونقلتهم إلى دمشق بحجة أنهم مواطنون سوريون، وهي لا تريد أن يكون على أراضيها لاجؤن سوريون، فتحولوا مع مرور السنين إلى لاجئين سوريين داخل وطنهم في مخيم اليرموك ومساكن البرزة قرب دمشق.
أمام هذا الواقع توجه وفد من وجهاء القرية إلى بلدة مرجعيون اللبنانية، وطالبوا في عقد لقاء مع قائد الجبهة اللبنانية، الذي استقبلهم بحفاوة، لكنه كان متشددا جدا في تأكيد سورية قرية الغجر، وأن لبنان غير مستعد لان يضم قرية سورية إليه، وانذرهم بضرورة البقاء فوق أرضهم، وأن كل من يتجاوز الحدود سوف يصدر أمرا بإطلاق النار عليه.
بقيت قرية الغجر دون مسؤولية قانونية وإدارية ومدنية طيلة فترة شهرين، حيث تفشت الأمراض، وانتشر الجوع، وازداد قلق السكان وخوفهم من المصير المجهول. القوات الإسرائيلية المحتلة تسد منافذ القرية، وتحكم سيطرتها من الأمام على أراضيهم البالغة حوالي 11500 دونم، ومن الخلف الحدود اللبنانية ورفض السلطات تقديم المساعدة للسكان.
بعد حوالي الشهرين من الخوف، والأمل المفقود، والنقص الحاد بالحاجيات الأساسية للحياة والعيش، لم يجد الإسرائيليون مفرا فقرروا إخضاع القرية إلى سلطة الاحتلال، شريطة أن يكون هناك في القرية أكثر من 40 عائلة . فاضطر وجهاء القرية إلى تسجيل كل شاب (ذكر) في القرية باسم عائلة مختلفة لزيادة عدد السكان، وتجاوز المطلب الإسرائيلي التعجيزي، فتنوعت أسماء العائلات وتجاوز العدد الـ40 عائلة.
يبلغ عدد سكان القرية اليوم حوالي 2000نسمة. يعيش معظمهم من العمل خارج القرية، كأيدي عاملة رخيصة في إسرائيل، ويعتمد البعض الآخر على التجارة، وعلى بعض المحاصيل الزراعية المحلية. صودر من أراضي القرية حوالي 1000 دونم لاحتياجات جيش الاحتلال الأمنية والعسكرية ، فيما احتفظت “سلطة أراضي إسرائيل” على باقي الأرض، بحجة أنها أملاك غائبين (“نازحين”)، حتى تلك الأراضي التي تقع داخل قرية الغجر.
الجنسية الاسرائيلة وأحداث تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان:
في أواخر سنوات السبعينيات وأوائل سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، أصبح واضحا أن السلطات الإسرائيلية قد بدأت في تنفيذ حلقة أخرى جديدة من مخططها، سلخ الجولان عن وطنه الأم سوريا وضمه إلى كيان الدولة العبرية. ومن أجل تمرير غايتها فقد اعتمدت على سياسة فرق تسد، لأن احتلال أي شعب يتطلب أولا إنهاكه ليس عسكرياً فقط بل وكذلك اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، لضمان تسهيل المخطط المبتغى. وهذا الإنهاك الذي وفرته عوامل جغرافية ومكانية، قد ساهم في زرع ونشر روح الفرقة والابتعاد بين مجموع مواطني الجولان، وخاصة في قرية الغجر. فالبعد الجغرافي، وانحصار شؤون الغجر ميدانيا داخل حدودها، وفر عاملا أمام السلطات الإسرائيلية لتنفيذ مخططها الرامي إلى عزل قرية الغجر عن باقي قرى الجولان الأربعة، التي بقيت مأهولة وعامرة بعد الاحتلال، ولكنها فشلت في إثارة فتنة طائفية عنصرية بين مواطني قرى الجولان تلك ذات المذهب الدرزي وقرية الغجر ذات المذهب العلوي، وبين قرية الغجر وأبناء وطنهم داخل الوطن سوريا. فالرهان الإعلامي الإسرائيلي بإحراج القيادة السورية والسكان قي القرى الأربع، بفرض الجنسية الإسرائيلية على مواطنين عزل لم يتجاوز عددهم الـ 800 شخص، يعيشون داخل قرية نائية معزولة جغرافيا عن التواصل مع أبناء شعبها ووطنها،قد فشل فشلا ذريعا. فلا السكان انتقموا، ولا القيادة السورية شعرت بأي إحراج بحكم انتماء مواطني قرية الغجر إلى الطائفة الإسلامية العلوية، وهي التي تنحدر منها معظم شخصيات ومسئولي القيادة السورية، ولا مواطني قرية الغجر قد وافقوا على استخدامهم وزجهم في الحرب الإعلامية، التي خططت لها السلطات الإسرائيلية، لإحراجهم وأبناء شعبهم في قرى الجولان بسبب استلامهم الجنسية الإسرائيلية، لأنهم مواطنون عرب سوريون، كما أكدوا مرارا وتكرارا موضحين دوافعهم ومنطلقاتهم وظروفهم لموافقتهم على استلام الجنسية الإسرائيلية، التي لن تمحو حقيقة انتماءهم إلى وطنهم الأم سوريا.
لقد استطاعت إسرائيل فرض الجنسية الإسرائيلية على مواطني قرية الغجر، بعد سلسلة من الضغوطات والتهديدات التي مارسها الحاكم العسكري، وأدواته المحلية من الجولان ومن جنوب لبنان، وعلى وجه الخصوص المرتزقة المنشقين من جيش سعد حداد، الذين طالبوا بضم القرية إلى مسؤولية الحزام الأمني اللبناني، حسبما ذكر الميجور جنرال الإسرائيلي أمير دروري، في إحدى تصريحاته في العام 1980 لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
المقاومة الوطنية في الغجر:
منذ أولى أيام الاحتلال الإسرائيلي لقرية الغجر، كان حكام إسرائيل قد بدأوا في إعداد العدة لتنفيذ المؤامرة الإسرائيلية المتمثلة في إقامة دويلات طائفية على حدودها الشمالية، بدءً من الدويلة الدرزية التي وئدت قبل إعلانها، إلى الدويلة المسيحية، والجيوب الطائفية الشيعية والعلوية في شمالي الجولان وجنوب لبنان. لقد رفض سكان قرية الغجر هذا المشروع العدواني، كما وقفوا في وجه العميل المنشق سعد حداد الذي طالب بإعادة قرية الغجر إلى لبنان، مؤكدين أنهم يفضلون “ألف عام تحت الاحتلال الإسرائيلي ولا يوم واحد تحت حكمه”.
لم تشهد قرية الغجر مقاومة وطنية تذكر ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما هو الأمر داخل قرى الجولان السورية الأخرى في شمالي الجولان، إلا انه هناك العديد من حالات المقاومة الوطنية الفردية، التي تمثلت في انخراط عدد من مواطني قرية الغجر في العمل الوطني في سنوات 1968/1971، واعتقال عدد من المواطنين وإصدار أحكام مختلفة تراوحت بين الشهرين والثلاثة أعوام، واستدعاء العشرات من مواطني القرية إلى مركز التحقيق في عكا و”كريات شمونة”، حيث لاقوا التخويف والتهديد قائلين لهم: “إياكم أن تعبثوا مع السلطات. لا نريد عدواُ وراءنا، وإلا أحلناكم إلى جنوب لبنان”.
يديعوت أحرونوت: “شبكة عملاء حزب الله” (في الصور مواطنون من قرية الغجر)
في العام 2000 وبعد محاولات تقسيم القرية،كشف النقاب عن خلية من أبناء قرية الغجر عملت داخل إسرائيل لصالح المقاومة اللبنانية، اتهمتها إسرائيل بنقل معدات قتالية ومعدات للرؤية الليلية، وتقديم معلومات استخبارية، وتصوير مئات أشرطة الفيديو لموقع الثكنات والطرق والمخازن العسكرية الإسرائيلية، وإرسال خرائط وبرامج كمبيوتر حساسة امنيا إلى المقاومة في لبنان، وأصدرت أحكاما بحق عدد منهم لسنوات طويلة، وما زال لغاية اليوم قسم آخر منهم ينتظر محاكمته بتهمة الاتصال والتعامل مع المقاومة اللبنانية، والتنسيق مع احد أعمدة المقاومة في الجنوب اللبناني الذي اغتالته إسرائيل في وقت سابق “رمزي نهرا”. بلغ عدد أفراد الخلية 11 شابا من أبناء القرية.
المؤسسات الرسمية:
في القرية مجلس منتخب منذ العام 1975م، ويرأسه مختار القرية أبو حسن سلمان خطيب الذي انتخب مختاراً للقرية في العام 1958م، فترة الوحدة السورية المصرية، خلال انتخابات الاتحاد القومي، حيث اعتمد اسم “العُمدة” مكان اسم المختار بموجب قرار من وزارة الداخلية السورية، وبتوقيع من وزير الداخلية السوري في حينه عبدا لحميد السراج. وفي العام 1964 تم تعين مختار قرية الغجر والعباسية وشوقا الفوقا رئيسا لاتحاد الفلاحين في مدينة القنيطرة، بموجب قرار محافظ مدينة القنيطرة السيد عبد الحليم خدام، حيث بقى في منصبه حتى دخول القوات الإسرائيلية إلى أرض الجولان، فعاد إلى قرية الغجر في أوج عملية نزوح مواطني الجولان من قراهم وانسحاب القوات السورية من جبهات القتال في عدوان 1967.
يقوم المجلس بتأمين حاجات القرية، وأنجزت مشاريع كثيرة اهمها: تعبيد وشق الطرقات وتوسيعها، وإقامة ملعب لكرة القدم. وفي القرية مدرسة ابتدائية تضم حوالي 350 طالباً وطالبة، ومدرسة إعدادية وثانوية مشتركة تضم حوالي 240 طالباً. جميع معلمي المدرستين البالغ عددهم 40معلماً ومعلمة هم من سكان القرية وحاصلون على درجات علمية ومهنية تؤهلهم لذلك.
المضافة :
لعل أهم وأبرز إنجاز سجله أبناء قرية الغجر لتوطيد نسيجهم الاجتماعي والعائلي والوطني، الذي كان له الفضل الأكبر في المحافظة على ذواتهم من الانصهار والتشتت أمام القيم والعادات الأجنبية التي تغزو الجولان ثقافيا وسياسياً، هو هذا البناء الكبير الذي يجمع أبناء القرية على اختلاف أجيالهم وأعمارهم يومياً- المضافة أو “بيت الجميع″، الذي بناه السكان في العام 1981 قرب المضافة القديمة المبنية من الحجر السوري الأسود، بتعبهم وعرق جبينهم، من خلال التبرع بمبلغ شهري من كل مواطن، وتعاونوا بالعمل فكان الجميع يعمل كل حسب دوره وحسب إمكانياته وحسب تخصصه. فالمهندس خطط للبناء مجاناً، والبناءون بنوا تبرعاً، والحداد وضع الحديد، وهكذا.. حتى انتهى العمل سنة 1985م. هذا البيت الضخم وضع تصميمه لجنة من المختصين والمهندسين بلغت مساحته حوالي 300متر مربع، وفي داخله قاعة مساحتها 96متراً مربعاً تطل المضافة على نهر الحاصباني وبلدة الوزاني اللبنانية المقابلة لقرية الغجر، ومنها يراقبون عمل المضخات التي تزودهم بالمياه. قبل أيام معدودة هددت النيران التي اشتعلت في الجانب اللبناني من النهر كل خطوط الماء والمضخات، ولم تسلم أراضي الغجر منها، حتى أن أدخنتها التي وصلت الى داخل منازل السكان القريبة من النهر هددت صحة الشيوخ وكبار السن. السلطات اللبنانية لم تحرك ساكنا لإطفاء النار والسلطات الإسرائيلية منعت سيارات الإطفاء من دخول قرية الغجر بحجج أمنية، فهب مواطنو القرية وجازفوا بحياتهم من اجل منع النيران من التهام مساحات أكثر وتحييد خطر احتراق مضخات المياه، التي تمدهم بالحياة.
تستضيف المضافة يومياً، في فترتي الصباح والمساء ، معظم سكان القرية، وجميع المشايخ للتباحث في شؤونها، حيث يتبادلون آخر الأخبار والتطورات والأحداث داخل القرية وخارجها، ومنها يؤدون مناسباتهم الاجتماعية في الأتراح والأفراح والأعياد والمناسبات الخاصة والعامة المختلفة. والمضافة في قرية الغجر هي المكان الأوحد لحل الخلافات والإشكاليات الداخلية بين أبناء القرية دون تدخل أية جهة خارجية.
الأماكن المقدسة في قرية الغجر:
رغم محدودية المكان، هناك عدة أماكن مقدسة في القرية، والتي يرجع بناؤها إلى مئات السنين، وهي:
- مقام سيدنا الأربعين عليه السلام: وقد بناه أحد الأشخاص من مدينة إنطاكية شمالي سوريا.
- مقام الشيخ مهنا: ويقع شرقي القرية.
- مقام الشيخ صفا: جنوبي القرية.
- مقام الشيخ محمد: جنوبي القرية.
- مقام الشيخ محمد العجمي: وسط الحارة الجنوبية.
- مقام الشيخ المختفي: غربي القرية.
الثروة المائية في قرية الغجر:
الواقع إن مياه الوزاني والحاصباني ترتبط بشكل وثيق بقرية الغجر. مصدر المياه في القرية هو “نبع الغجر” الموجود في الضفة الشرقية لنهر الحصباني، والذي يبعد حوالي 15متراً عن نبع الوزاني. يحصل سكان القرية على مياه الشرب بواسطة مضخات رُكبت على مياه النبع لتوصلها إلى خزانات بنيت خصيصاً لذلك داخل القرية. وأول من قام بمشروع تركيب المضخات على “نبع الغجر” هو الجيش السوري، إذ قام في عام 1961م ببناء غرفة المحرك الذي كان يضخ المياه في ساعات معينة لتأمين مياه الشرب لسكان القرية.
أما بالنسبة إلى المضخات التي أقيمت على مياه نبع الوزاني فهي تابعة لسكان قرية الغجر، وليس لأحد دخل فيها. وأسباب وضعها على نبع الوزاني، هو أنه مرّ على قرية الغجر موسم جفاف، حيث جف نبع القرية، أو كاد يجف، مما حدا بسكان القرية إلى وضع مضخة لزيادة مياه الشرب في خزان الماء الموجود في الجهة الشرقية لضخه إلى خزانات القرية.
لقد مارس سكان الغجر حقهم المشروع في التصرف بمياههم، فأقاموا مضخة مياه لتصل إلى خزانات المياه، لتامين مياه الشرب إلى سكان القرية، وقد كان هذا بتمويل وتعاون ذاتي من قبل السكان أنفسهم، بعد أن أدار الجميع ظهره إلى مشاكلهم واحتياجاتهم.
“الغجر” تحت تهديد التقسيم:
قرية الغجر تخضع دوليا وسورياً إلى القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن عام 1967، وهو القرار رقم 242، القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية السورية التي احتلتها أثناء عدوان حزيران. فيما الأمم المتحدة اعتبرتها بعد تحرير الجنوب اللبناني، وانسحاب إسرائيل منه، خاضعة إلى القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن رقم 425، القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة منذ العام 1979، وفقا لاتفاقيات الحدود الموقعة بين الانتداب الفرنسي والبريطاني في العام 1923.
لم تكن هوية قرية الغجر العربية السورية موقع نقاش أو تفكير، أو موضع مساومات سياسية لأي من الحكومتين اللبنانية والسورية منذ انتزاعهما الاستقلال الوطني، ولكنها كانت موقعا لتمرير المؤامرات السياسية لدى من اعتاد الاصطياد في المياه العكرة، ففي العام 1976 وبعد انشقاق العميل سعد حداد عن المؤسسة الرسمية اللبنانية، وارتهانه بالقرار الإسرائيلي، وتشكيل جيش لبنان الجنوبي، في ما كان يعرف يوما بـ”الشريط الأمني”، طلب من إسرائيل ضم قرية الغجر إلى الشريط الأمني على أساس إنها قرية لبنانية، الأمر الذي وقف ضده السكان بشدة وأفشلوه.
في العام 2000 حاولت الأمم المتحدة فرض تقسيم قرية الغجر، بعد أربعة أيام على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، من خلال الخط الأزرق، “خط لارسن”، الذي يقسم القرية إلى قسمين، فيصبح قسم منها تحت السيطرة اللبنانية والقسم الآخر يبقى تحت الاحتلال اللإسرائيلي- ما يشبه الوضع القائم في رفح المصرية الفلسطينية بعد اتفاقيات كامب ديفيد، فتصبح قرية في دولتين- وهنا هب سكان قرية الغجر ضد هذا التقسيم، ومنعوا بأجسادهم وهراواتهم والإطارات المشتعلة قوات الأمم المتحدة من دخول القرية لترسيم الحدود الجديدة، التي تهدد وجودهم وكيانهم وهويتهم العربية السورية، الأمر الذي دفع قوات الأمم المتحدة إلى إجراء عملية التقسيم من خلال مروحياتها العامودية. أصدر سكان القرية بياناً أكدوا فيه أن هويتهم وهوية قريتهم عربية سورية، ووقفوا ضد فرض الأمر الواقع عليهم وإجبارهم على ترك أراضيهم وبيوتهم التي تربوا فيها، وترك قبور أجدادهم، وسلب أراضيهم، وقاموا بتوجيه رسائل عدة إلى القيادات السورية واللبنانية وعدة شخصيات عالمية ومنظمات إنسانية وحقوقية، نتج عنها رسالة وزير الخارجية السورية السيد فاروق الشرع إلى هيئة الأمم المتحدة، التي أكدت على مطلب الحكومة السورية بتثبيت سورية قرية الغجر بكامل أراضيها وبساتينها، وإبقائها تحت مسؤولية الأمم المتحدة، حتى تنسحب إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران وتلتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي “242”. الجيش الإسرائيلي أعاد ترسيم الحدود في القسم الجنوبي وأحاط القرية بالمزيد من الأسلاك والحواجز العسكرية وحقول الألغام. من جهتها السلطات والمقاومة اللبنانية قاموا بوضع الحواجز والأسلاك الشائكة بجوار قرية العباسية السورية المجاورة ومحيط قرية الغجر، حتى لاصقت المنازل السكنية في الحارة الشمالية، التي أصبحت تعيش حالة من الاستقلال التام، حيث لا يدخلها أياً من أفراد الجيش الإسرائيلي أو من أفراد الجيش اللبناني او رجال المقاومة اللبنانية. تلك الحارة التي يؤكد شيوخ الغجر وكبار السن ومختارها، بالوثائق الرسمية المملوكة لديهم، أنها أراض سورية تتبع لقرية الغجر منذ مئات السنين، ولم تكن يوما أراض لبنانية، رغم أن الحدود السورية اللبنانية لم تكن يوما موضع خلاف، أو حدودا رسمية، بسبب علاقات حسن الجوار الطيبة بين القرى المتاخمة للحدود، التي ميزتها علاقات التعاون والتفاهم والانسجام والوفاق والتسامح بين السكان على مدار السنين. حتى أن هناك اتفاق بين أهالي قرية الغجر وأهالي قرية “الماري” اللبنانية، بموجبه يستخدم مزارعو وفلاحو قرية الماري أراضي الغجر الواقعة تحت سيادة المقاومة اللبنانية والحكومة اللبنانية، ويستثمرونها بالمزروعات الصيفية والشتوية، كعهدة في أياديهم، تعود إلى أهالي قرية الغجر عند التحرير الشامل والكامل، والعودة إلى حضن الوطن الأم سوريا، وهذا الاتفاق مصدق وموقع من قبل الرئيس الروحي للطائفة الدرزية (في إسرائيل) المرحوم الشيح أمين طريف ووجهاء قريتي الغجر والماري، وهناك نسخه محفوظة منه في “خلوات البياضة” في حاصبيا.
لقد كان “خط لارسن”، الذي تضمنه قرار الأمم المتحدة لترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بمثابة تواطؤ دولي وإسرائيلي مشترك من أجل سلخ قرية الغجر عن انتمائها السوري وانتزاع آلاف الدونمات من أراضيها بعد ضمها إلى لبنان، تلك الاراضي التي كانت ستبقى تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي فيما لو نجحت المؤامرة. وقدكشف مؤخرا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “أيهود براك” كان قد تعهد أمام مستوطني مستعمرتي “ميسغاف عام” و “المطلة” بمنحهم مساحات واسعة من أراضي قرية الغجر، مقابل التراجع بعض الأمتار على الحدود الإسرائيلية الشمالية قرب تلك المستعمرات، من أجل إنجاح عملية الأمم المتحدة في ترسيم الحدود.
منذ محاولة تقسيمها وسكان هذه القرية، التي طواها النسيان على مدار سنوات طوال، يعيشون على أعصابهم خوفا من أي صفقة سياسية دولية، تستثني إرادتهم ورغباتهم وأمانيهم الوطنية والقومية والتاريخية.
إن لسان حال سكان قرية الغجر يعلن “نحن سوريون، هويتنا سورية، أرضنا سورية، لم نكن في يوم من الأيام تابعين إلى لبنان. لا زالت لدينا بطاقات الهوية ووثائقنا الثبوتية السورية. الأرض سورية وستبقى سورية إلى الأبد، ولن نسمح أبدا لأية جهة، كانت من تكون، إجبارنا على التخلي عن انتماءنا السوري وعن أرضنا العربية السورية”.
منذ ذلك التاريخ والسكان يعيشون حالة ترقب وانتظار حيث يمضون أوقاتهم في الحديث عن المستقبل الغامض، ومراقبة أي تحركات من الجهة الشمالية للقرية أو الجنوبية، أملين يوما ما أن ينتهي هذا الترقب وهذا الانتظار بعودة كاملة إلى سيادة الوطن الأم سوريا دون أي انتقاص لذرة تراب واحدة من ثرى أرضهم. ومنذ ذلك التاريخ وأعلام المقاومة اللبنانية ترفرف في محاذاة منازل السكان، وراء الأسلاك الشائكة الفاصلة بين مواقع رجال المقاومة وشرفات منازل السكان، يمرون حاملين أسلحتهم، يتطلعون، يومئون برؤوسهم بتحية عابرة تحمل ألف سؤال وسؤال. وهناك بقيت على حالها المنازل الإسمنتية التي بدأ شباب القرية من الأزواج الشابة بناءها ولم تكتمل بعد، فنمت بين أعمدتها العارية أعشاب وأشواك وزهور مختلفة غطت مساحة البناء وما زالت تنتظر استئناف الحياة، وما زالت زيارات مسئولي المقاومة والحكومة اللبنانية ورجال الإعلام والصحافة تتكرر بين وقت وآخر لتفقّد المكان والزمان من وراء “الحدود” والاسلاك. وهناك، هناك في الجهة الجنوبية تستعد السلطات الإسرائيلية إلى نقل صلاحية البوابة “المحسوم”\الحاجز من مسؤولية جنود القوة الإسرائيلية إلى جنود حرس الحدود، في خطوة تؤذن بخطر تحويل البوابة إلى حدود دولية ومعبر دولي بين دولة وقرية طوتها ذاكرة النسيان والأيام من سجل اهتماماتنا وأولوياتنا، خطر يلقى بظلاله على أهالي القرية منذ الإنذار الذي وجهه رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي “ارئيل شارون” ووزير دفاعه “شاؤول موفاز″، في آذار 2003، بتحويل “بوابة” الغجر إلى معبر دولي، الأمر الذي رفضه السكان وتقدموا من خلال المحامي الإسرائيلي “افيغدور فيلدمان” بالتماس إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، يمنع الحكومة الإسرائيلية من تغير الوقائع وفرض أمر سياسي ودولي على ارض الواقع ترفضه سوريا والأمم المتحدة والسكان، وما زال الالتماس ينتظر القرار، ومواطنو قرية الغجر في انتظار مجهول الأقدار والأيام، وهم وحدهم الضحية.. ضحية أخرى متروكة ومنسية من ضحايا هذا الاحتلال الذي يثقل خطواته على ما تبقى من أحلامنا. فإلي متى تبقى التراجيديا الجولانية تخترق بين زمان وزمان دائرة النسيان.
المصادر:
* كتاب قريتي والأيام. تأليف الأستاذ احمد الخطيب.
* أرشيف الصحافة العبرية لعامي 1980-1981. من إعداد شكيب يوسف أبو جبل.
* السيد أبو حسن سلمان الخطيب (مختار قرية الغجر).
* الأستاذ احمد الخطيب مؤلف وكاتب ومدير مدرسة سابق.
* الأستاذ عادل الشمالي معلم في المدرسة الإعدادية والثانوية