الخميس , نوفمبر 30 2023
الرئيسية / ملفات الارشيف / من الذاكرة الجولانية / انتفاضة شباط / شهادات من شباط… الشيخ أبو عدنان محمود حسن الصفدي يستعيد ذكرياته
Copy (4) of abuadnan

شهادات من شباط… الشيخ أبو عدنان محمود حسن الصفدي يستعيد ذكرياته

شهادات من شباط… الشيخ أبو عدنان محمود حسن الصفدي يستعيد ذكرياته في ذكرى قانون  ضم الجولان

أجرى اللقاء مهى منذر وأيمن أبو جبل – إعداد نبيه عويدات

من الارشيف10-2-2008

 

اعتقلته سلطات الاحتلال في السبعينيات، وحكمت علية بالسجن لمدة عام واحد، بتهمة مقاومة سلطات الاحتلال.

“لم افعل شيئا ضدكم. ولكنني ابن الشعب العربي، وأنا اخدم شعبي”- هكذا خاطب قاضي المحكمة العسكرية التي حاكمته. في العام 1973لم تحترم إسرائيل مكانته الاجتماعية كأحد الزعماء التقليديين في الجولان، عندما وقف، كغيره من الجولانيين، ضد فكرة إنشاء مجالس محلية ومذهبية في الجولان، لكونها مجالس عميلة تشوه حقيقة الانتماء، وتخدم مصالح الاحتلال، وعمل ضد فكرة فرض ضريبة الدخل على المواطنين في الجولان، لكونها تتنافى مع حقوق الشعوب المحتلة.

“ان السيادة الوطنية والجغرافية، هي كما الشهادة، حق مقدس لا يجوز التفريط به بأي شكل من الاشكال، وسيادة سوريا على ارض الجولان غير خاضعة، تحت أي ظرف، لأي قانون أو قرار تتخذه دولة الاحتلال، ومسالة السيادة على الجولان لن تتقادم بسبب أي واقع سياسي تفرضه سلطة الاحتلال على ارض الجولان”- بهذه الكلمات استقبلنا الشيخ الجليل ابو عدنان. هذا الشيخ الذي عرفته أوجاع واهات كل بيت جولاني، وعرفته الأفراح فيه، ما زال، وهو ابن ألـ 84 عاما، يقوم بمساعدة أبنائه في اخذ الخاطر وتقديم الواجب فرحا أو طرحا. حين اعتقلته السلطات الإسرائيلية، وهو في الستينيات من عمره، قال لجلادية ا أثناء محاكمته “إنكم لن تستطيعوا محو

الكراهية من نفوس أبناء شعبي، تعتدون علينا وتطالبوننا بتقديم الحب لكم، هل تعتقدون إننا نرضى بذلك، نحن شعب حر نأبى الظلم والاضطهاد”.

مشكلة الإسرائيليون انهم لم يقرأوا التاريخ جيدا قبل قدومهم إلينا كغزاة، في إننا ننتمي إلى حضارة وتاريخ وأمة عريقة، صاحبة ارث عظيم من المجد والعز والفخار، أجدادي كانوا من الثوار ضد الأتراك واستشهدوا في معركة واحدة، ومعهم عمي أيضا، ووالدي استشهد في معركة قلعة راشيا الوادي، وهناك مئات الشهداء والآلاف الجرحى الذين قارعوا الظلم والاحتلال من أجدادنا وآبائنا، فكيف نقبل أن لا نكون أوفياء لدمائهم وجراحهم وعذاباتهم، التي قدموها في سبيل أن نحيا نحن أحراراً. ما طعم الحرية إذن إن خنا نحن أمانتهم هذه- بهذه الكلمات ابتدأنا حديثنا مع هذا الشيخ الجلي

الشيخ أبو عدنان: أنت أحد أولئك الرجال الذين حاولوا محاربة إسرائيل، وكسر قرارها القاضي بقضم وضم الجولان إلى دولتها، ماذا تحدثنا عن تلك الأحداث؟

“حين احتلت إسرائيل الجولان لم نكن نتوقع مكوثها طويلا هنا. الجميع انتظر التحرير. لكن ذلك لم يحصل. في هذا الوقت كانت إسرائيل تهيئ الواقع، لتمرير مخطط قديم جديد في تغير الحقائق، وتشويه واقع الجولان، بكونه عربي الجذور وسوري الانتماء، وكان الشباب الوطني قد أدرك خطورة المشروع الإسرائيلي، وعملوا ليل

نهار، من اجل إفشال الخطط الإسرائيلية، واتصلوا مع قيادتنا في الوطن، وآخرين عملوا على توعية الناس وتحذيرهم من المخطط الإسرائيلي، وعدم التعاطي معه، لان إسرائيل استفادت من تجربة سلخ لواء الاسكندرون، هناك نجحت فرنسا وتركيا في المؤامرة، اجروا انتخابات مزورة، وضموا اللواء الى تركيا. أما عندنا في الجولان فقد كان هناك وعي، تشكل بفضل الشباب الوطني، أدرك حجم المؤامرة وعمل على شرحها للناس. اذكر أن هناك أشخاص، شباب، دخلوا إلى بيوت الناس لدرء الخطر عنهم، بعد أن غرر بهم الحاكم العسكري، وتراجع هؤلاء والتزموا بقرار المجتمع والشعب، بعد توعيتهم.

في سنة 1973 اعتقلت إسرائيل المئات من أبناء الجولان، وزجت بهم في السجون، بتهمة أنهم يعملون ضد المشروع الإسرائيلي، واتهموهم بالمقاومة ضده. وفي اعتقالهم افتقدت الساحة إلى رجالها، فمرروا علينا مشروع المجالس المحلية والمجالس المذهبية، وقانون ضريبة الدخل، أوضحنا لهم أننا لن نتعامل مع هذه المؤسسات

والقوانين الجديدة، على اعتبار إننا محتلين وننتمي إلى وطننا سوريا، وفقط نفر قليل من الأشخاص وافقوا على العمل معهم، لكنهم بالنسبة إلى الناس والمجتمع خارجين عن إرادة الشعب، لأسفي الشديد كان هؤلاء أدوات بيد السلطة، استطاعت تجنيدهم وتظليلهم واقناعهم بذلك. لقد عاملوا الناس بقسوة، في الاعتقالات والتفتيشات والحواجز، ومساومة الناس على أرزاقهم وصحتهم وممتلكاتهم. أنا اعتقلت أيضا بتهمة معرفتي أحد الأشخاص المقاومين، وأنه أعطاني هدية قبل سنوات طويلة، لكنهم اختاروا اعتقالي في الوقت الذي عارضنا وقاومنا به مشاريعهم. لقد تأذي معظم الناس في الجولان نتيجة رفضهم للمشاريع الإسرائيلية”.

في السبعينيات من القرن الماضي طلبك الحاكم العسكري، وآخرين من الجولان، إلى الاجتماع مع موشي ديان، وزير الحرب الإسرائيلي، ماذا حصل في هذا الاجتماع؟؟

“كان المرحوم كمال كنج ابو صالح معروف بأنه شخصية مهمة جداً، ولم تكن علاقات بيننا حينها. جاء الحاكم العسكري ليلعب على الوتر العائلي (صفدي وأبو صالح)، من اجل أن نقبل بمشروع المجالس المحلية والمذهبية وضريبة الدخل، ونطلب من حكومة إسرائيل العمل على ضم الجولان. هكذا طلب منا، لكنني والمجتمعين معه من وجهاء الجولان رفضنا بشدة التعاطي معه، وهددنا بالانسحاب من الاجتماع. قلت له: ” نحن عرب سوريون، نحن لسنا ضد اليهود ولكننا ضد الاحتلال. لقد ارتبط العرب واليهود بعلاقات اخوة قوية في البلاد العربية، لكنكم اليوم تحتلون أرضنا وتضطهدون شعبنا، فكيف نقبل إذلالكم لنا؟ انتم لا تحترمون رغبتنا ومشاعرنا الوطنية والدينية، فكيف نقبل معكم التخلي عن انتمائنا؟”. لقد كان حديثه يشمل التهديد والوعيد، والتخويف من قدرة السلطة على قمعنا واعتقالنا، وإجبارنا على تقبل مخططاتهم، لكننا أبلغناه بشكل واضح، بأننا مستعدون للتضحية بأموالنا وارواحنا وأولادنا، على أن نقبل مخططاتهم ومجالسهم العميلة. وجاء آخرون أيضاً، مندوبين عن الداخلية والأمن والحكومة، لإقناعنا بمشاريعهم، وتلقوا نفس الأجوبة. وكانت هناك اجتماعات أخرى، ضمت موشيه ديان ويسرائيل كينغ، واشترك فيها اشخاص من الجولان كانوا الصخرة التي تكسرت عليها المخططات الاسرائيلية. اذكر منهم المرحوم الشيخ أبو هايل نعمان أبو جبل، والمرحوم الشيخ محمد أبو صالح، وأنا العبد ، والشيخ المرحوم أبو مجد كمال أبو صالح، والشيخ المرحوم أبو كنج سليمان أبو صالح، واخرين من بقعاثا ومسعدة وعين قنية. الذاكرة تخونني أحيانا فلا أتذكر كل الأسماء، فاستميحهم عذراً، لكنهم كانوا اشد منا دفاعا عن حقوق الشعب وكرامته”.

كيف بدأتم في ترتيب البيت الجولاني، استعداد لمواجهة القبضة الحديدية، التي أعلنتها حكومة الاحتلال ضد مواطني الجولان؟

 

“إن لم تخني الذاكرة، بدأت إسرائيل في توزيع الهويات أواخر سنوات السبعينيات، بعد ان أنشأت المجالس المحلية، حيث قررت إعطاء الصلاحية لوزير داخليتها “بورغ”، منح الجنسية الإسرائيلية لأي مواطن سوري من الجولان يطلبها. في هذا الوقت مورست ضغوطات كثيرة على الناس، وغرروا بالبعض منهم، ومنعوا العمال من الذهاب الى أعمالهم، إلا إذا حصلوا على الجنسية، حتى الى المستشفى طلبوا الجنسية. كانوا يقيمون حواجز على الطرق، ويطلبوا مكان البطاقات العسكرية الجنسية، ومن ليس بحوزته، يناولونه طلب للحصول على الجنسية. الناس رفضت هذا، وجن جنون الحاكم العسكري. أرسلنا خطابات ورسائل إلى كل الحكومات، بما فيها الحكومة الإسرائيلية، ولمجلس الأمن والصليب الأحمر الدولي، أعنلنا فيها رفضنا الخطوات الاسرائيلية تلك. سمعنا ان الحكومة السورية، والجامعة العربية، كان لهم موقف قوي، داعم لمطالبنا الوطنية والقومية.

من جانبنا كان الشباب هم الأكثر حركة وفاعلية، ولهم كل الاحترام على كل ما قدموه، خاصة بعد الإفراج عن قسم منهم من السجون. كانت كل خطواتنا مدروسة، بعد اجتماعات عديدة، نفكر ونقرر كيف ستكون قراراتنا في مواجهة السلطات، حيث كان هناك مندوب أو اكثر من كل عائلة، ومن كل قرية، وندعو إلى الاجتماع بشكل سري أو علني حسب الحاجة، وهكذا كنا نتخذ القرارات بالإضراب، أو توجيه رسائل و بيانات إلى الصحافة. الحمد لله الناس كانت واعية جدا لما يحصل. كانت كل عائلة تتكفل في إلزام او تجنيد أفرادها لأي موقف. والحمد لله نجحنا بفضل الأهالي وحسهم الوطني في كافة القرى .

كانت هناك محاولات كثيرة لإقناعنا بجدوى قرار الضم، لكنها كلها فشلت. نحن نقنع الناس بالانتماء إلى الصف الوطني وليس إلى جانب الاحتلال. نحن لا ننسى جهاد أهلنا وأجدادنا، الذين قارعوا تركيا وطردوها من هذه البلاد، وقارعو فرنسا، وذهب العديد من الشهداء من هذه المنطقة، فكيف نحن نرضى أن نكون اقل منهم. نحن أردنا أن نكون وطنيين مثلهم، وعلى الدرب التي ساروا عليها من نضال ضد الاحتلال”.

الشيخ ابو عدنان: لقد اعتقلت اكثر من مرة، فهل تحدثنا عن أجواء السجن والاعتقال الإسرائيلي قليلاً؟

“أنا لست قيادياً. أنا خادم لهذه الناس ولهذا المجتمع. هناك أمانة تاريخية في أعناقنا، هي بحمل رسالة أجدادنا وشهدائنا، ونقلها إلى أجيال الشعب القادمة. حين رفضنا وقلنا لا للإسرائيلي اعتقلنا وهددنا. أول مرة في العام 1973 جاءوا إلى البيت واعتقلوني بعد تفتيش كل البيت. كانوا يعرفون من أكون، رغم ذلك جاءوا بتهمة غريبة لحادثة قديمة حصلت معي. في التحقيق لم أتعرض للتعذيب مثل باقي المعتقلين، لكن مارسوا الشتائم والإهانات، وقلة الاحترام لرجل في عمري. كانوا سيئين جدا. وفي أوائل الثمانينيات أي قبل قرار الضم، جاءوا إلى البيت وأبلغوني أنني معتقل إداري، وكنت مع مجموعة من الشخصيات، منهم: هايل حسين ابو جبل، الشيخ المرحوم ابو مجد كمال كنج ابو صالح، والشيخ سليمان كنج ابو صالح، ومهنا الصفدي، وعادل ابو جبل، واحمد القضماني، وسلمان فخرالدين، وأسعد محمد الصفدي واخرين لم أعد اذكر كل الأسماء.

في سجن بئر السبع كنت أنا وهايل حسين ابو جبل. كنا نقيس ساحة التنفس كم متر، لنضيع الوقت. حتى نقلونا إلى سجن الرملة، حيث تواجد هناك المرحوم ابو مجد واحمد القضماني. اتهمونا إننا نحرض الناس ضد إسرائيل. وأنا أقول لكم وللأجيال، أن كل شخص في الجولان كان اشد صلابة في موقفه منا. وبعدها بفترة أطلق سراحنا، بعد وقفة آهل الجولان البطولية. وأحرار فلسطين والعالم كانوا كلهم معنا. ثم عاودوا الكرة مرة أخرى، بعد إعلان قرار الإضراب، واعتقلوني مع آخرين، اعتقالاً إدارياً. لم نكن نرى عائلاتنا خلال هذا الاعتقال. هناك في السجن كنا نتابع أخبار الجولان، وصمود الأهل ومواجهتهم لإسرائيل. لم تعرف إسرائيل إن الجولان كله قائد لموقف وطني ثابت لا يتزعزع، وان انتزاع الحق لا يحتاج إلى قيادة- متى تنتهي، انتهي هذا الحق. جاءوا اكثر من مرة للتفاوض معنا، وكنا نقول لهم: الموقف هناك، اذهبوا ولبوا طلبات السكان، والغوا قرار ضمكم للجولان، وتراجعوا عن مخططاتكم، التي تسيء إلى انتمائنا الوطني، إلى الوطن آلام سوريا، ولامتنا العربية العريقة”.

في تاريخ 14/12/1981 أعلنت إسرائيل عن قرارها ضم الجولان السوري المحتل. كيف واجهتم في البداية هذا القرار؟

“الوسيلة المتوفرة لدينا هي المقاومة الغير مسلحة. سلاحنا هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبالانتماء إلى وطننا سوريا، والعمل من أجل الصمود بأرضنا حتى التحرير. لا نملك أي شئ أخر سوى التشبث بهذه الأرض والدفاع عنها، مهما كلف الثمن. لقد علمنا بقرار ضم الجولان من خلال وسائل الأعلام الإسرائيلية، وأيضا من خلال الحاكم العسكري. كنت ألقبه بالمجنون. جعلنا نشعر أكثر بهذا القرار، نتيجة تصرفاته الغبية والمجنونة ضد الأهالي. الحمد لله، إسرائيل هزمت دولاً كثيرة، لكن نحن تحدينا قرارها، ووقفنا ضد قرارها بضم الجولان، وانتصرنا بفضل هذه الوحدة التي تجسدت، وهذه الروح الوطنية الأصيلة لدى الناس. حينها لم يطلبنا أي مسؤول إسرائيلي ليبلغنا بقرار ضم الجولان، لكننا واجهناه على الفور، بدون أي خوف أو تردد. كنا على قدر المسؤولية، وأتمنى من الله ان نكون قد وفقنا في ذلك”.

هل حاولت إسرائيل أن تلعب على الوتر العائلي أو القروي، وإحياء الخلافات القديمة بين هذه العائلات؟

“نعم، حاولوا، ولكن لم نفسح لهم المجال أبداً، وترفعنا عن هذه الخلافات، وكنا أكبر منها بكثير، ولم نعطيهم هذه الفرصة، لأن الموقف الوطني وحدنا جميعاً، وكنا كلنا عائلة واحدة. جاءني أحد القادة الإسرائيليين، واسمه يغال الون، إلى هذا البيت، وقال لي انه سيذهب إلى بيت المرحوم كمال كنج ابو صالح، وحينها لم تكن بيننا أي

علاقات بسبب خلافات عائلية قديمة. حين لاحظت انه يشمت بنا بسبب خلافاتنا، سبقته إلى هناك، وكنت المضيف وليس الضيف. فتفاجأ من ذلك وسأل: هل انتم متفقون؟ قلت له: نحن نتفق حول مصلحة البلد، ولا يوجد بيننا خلافات. فوتنا عليه فرصة دق الأسافين بيننا، لان ذلك سيؤثر على وحدتنا وموقفنا. بعد ذلك التقينا داخل السجن، وتحدثنا طويلا. بالنسبة للقرى، فقد نجحوا في فصل قرية الغجر عنا، لأنها بعيدة جغرافياً، وفرضوا عليها الإغلاق الكامل، فلم نكن نستطيع زياراتهم، أو يستطيعوا زيارتنا، لهذا نجحوا في فرض الجنسية عليهم. أنا لا ألومهم على ذلك بسبب الوضع الخاص الذين ادخلوا فيه”.

ما هي الخطوات التي قمتم بها، لصد مشروع قرار الضم، ونحن نعلم انه لم تكن هناك جهات داعمة للجولانً، ميدانياً، في هذا الموقف حينذاك؟

“كان يكفي تكاتف أهل الجولان مع بعضهم البعض، ونضالهم المشرف من اجل مبادئهم ووطنهم سوريا. والحمد لله حققنا موقفاً مشرفاً، تفتخر به الأمة العربية بأكملها، وليس وطننا الأم فقط. أما الخطوات التي كنا نقوم بها هي الدعوة للاجتماع، وأحيان يكون الاجتماع بشكل سري، وكنا نجتمع في البيوت وفي الخلوة، ومن ثم نتخذ القرارات المناسبة بإجماع أهالي الجولان. مثل الإضراب لمدة ثلاثة أيام، للتعبير عن رفضنا لقرار الضم، وقرار إعلان الإضراب المفتوح، والرسائل والمظاهرات الخ…”.

هل كنتم تترقبون دائما الخطوات الإسرائيلية لتقدير ما تنوي فعله؟

“القيادات الوطنية كانت تجتمع بشكل دائم، وكانت مؤلفة من كل العائلات، ومن كل القرى، كل عائلة كانت تختار شخص أو اثنين ليمثلاها، ونجتمع لمعرفة ما وصلت إليه الأمور، والعمل على إفشال أي مخطط صهيوني لضم الجولان. وأيضا العمل من أجل إيصال صوتنا إلى مجلس الأمن والإعلام، وعرض قضيتنا على المجتمع الدولي.

اليوم، وبعد 23 عاما من قرار الضم، كيف ترى الواقع السياسي والنضالي في الجولان؟ هل اختلف عن واقع عام 1981؟ هل ابتعدنا كثيرا عن إنجازات الإضراب التاريخية على الصعيد السياسي؟

 

 

“الثوابت الوطنية لم تتغير، وان تغيرت المعطيات. ففي كل زمان ومكان سيبقى الجولان وأبنائه متمسكين بنضالهم ضد الاحتلال الصهيوني، ومتمسكين بعروبتهم وانتمائهم إلى الأم سوريا، رغم إن هناك بعض المزايادات. في السابق كان النضال له ثمن قاسي، فكانت الساحة للأشداء فقط، أما اليوم الساحة تستوعب الجميع، الواقع تغير كثيرا، لكن كل إنسان في داخله يعرف ما هو رصيده من هذا كله، ودولتنا سوريا تعلم عن رصيد كل شخص. برأي إن كل شخص يبحث عن دور له، الذي لم يكن له دور يبحث عنه الآن، ومن له دور عريق لا يستطيع أن يقاتل من اجل هذا الدور. الناس تغيرت والواقع اختلف.

أما عن إنجازات الإضراب، فقد أوقفنا فرض الجنسية، وأسقطنا قانون التجنيد الإجباري، وأجبرنا إسرائيل أن تتعامل معنا كعرب سوريين، وهذه إنجازات برأيي كبيرة جداً.

لكن هناك مشكلة أبناء أصحاب الجنسيات الإسرائيلية، ممن نسميهم “ورثة الجنسيات”، ما دوركم انتم الذين حاربتم الجنسية الإسرائيلية وأصحابها؟

“أعداد المجنسين قليلة في بلدنا قياسا لعدد السكان، وأكثريتهم استلم الجنسية لانعدام الوعي، وبسبب الفقر والبساطة، ومنهم من استلمها بوعي وقصد فخرج عن إرادة المجتمع والشعب، واساء للمجتمع وللناس. لكن ليس كل من استلم جنسية هو سيء. مصلحة الشعب والمجتمع والدين والوطن كانت أقوى من أي مصلحة أخرى، فقررنا فرض الحرمان الديني والاجتماعي عليهم ومقاطعتهم، وهذه المقاطعة ما زالت قائمة ضدهم. إذا تنازلنا عن المقاطعة والحرمان، فهذا يشجع إسرائيل على زيادة الجنسيات في مجتمعنا، هذا ممسك ضدنا. شخصيا لا يوجد حامل جنسية إلا وطرق بابي واستقبلته، طبعا أنا لم اذهب إلى أحد منهم، يوجد بينهم ناس محترمين وأوادم، ومنهم أيضا أناس عاطلين كثر. نحن كمجتمع نريد الحفاظ على مكاسبنا ووحدتنا، ومستقبلنا العربي السوري، ولا نفرق بين جنسية بيضاء وجنسية سوداء. الجنسية جنسية إسرائيلية بكل الأحوال، والجميع يعلم مضارها ومخاطرها. يمكن على الصعيد الشخصي يتوهم البعض انه يستفيد ويقدم مصالحه، لكن على الصعيد الوطني والاجتماعي والسياسي، هذه لعنة تبقى ترافق صاحبها لأجيال وأجيال. أما مشكلة أولادهم، فهم ليسوا مذنبين كابائهم، وممنوع أن نحاسب الولد لعمل أبيه. نحاسبه هو كيف أخلاقه وسلوكه والتزامه مع الناس والمجتمع. طبعا هذا رأيي، والناس عندنا تتعامل وفق الرأي العام. يوجد أناس واعون ومسؤولون، وأناس آخرون يتعاملون بشكل مختلف. هم صنعوا لانفسهم ولأولادهم ولنا هذه المشكلة” .

الشيخ ابو عدنان شكرا لك، نعتذر عن تسببنا لك ببعض الارهاق والتعب، لكنك ستتفهم انك جزء من تاريخ هذه المنطقة، وتاريخنا الشفهي يجب اخراجه الى الحياة، لتتعلم منه الاجيال بعض تجارب الاباء والاجداد .

“هذا اقل من الواجب، لكنني لا استطيع ذكر كل الاحداث التي عايشتها، بسبب تقدم العمر والنسيان، وعفوا منكم، ومن جميع المناضلين، الذين قد اكون ظلمتهم ولم اذكر دورهم الشخصي، وهم عديدين جدا”.

 

 

عن astarr net

شاهد أيضاً

strik1982-30 memory (11)

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة وزير الدفاع الإسرائيلي مناحيم بيغن أمام المحكمة في قضية قادة إضراب الجولان الخمسة

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة وزير الدفاع الإسرائيلي مناحيم بيغن أمام …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!