شهادات من الاضراب ….الشيخ أبو تيسير سلمان محمود جريرة في ذكرى الاضراب الكبير
الشيخ ابو تيسير سلمان جريرة “شاهد عيان“
عشتار نيوز للاعلام والسياحة / قانون ضم الجولان/ انتفاضة شباط
إعداد: مها منذر وايمن ابو جبل
من الارشيف :/ 11/02/2005
قمنا بزيارة الى بيت العم سلمان محمود جريرة وطلبنا منه أن يحدثنا عن يوم 14/2، وما شهدته ساحة البلدة من أحداث، وكيف تمكن الأهالي من إفشال مخطط الجيش ومنعه من إطلاق النار؟
“نعم، كانت أيام عز وكبرياء، هذا اليوم نسميه “يوم الساحة. كان موقف يحسب لأهل المجدل..”، هكذا بدا العم سلمان حديثه قبل ان يتنهد ويصمت لعدة لحظات، بدى خلالها وكأنه استعاد من عمره 23 عاما مضت، فتابع يقول بصوت فيه فخر واعتداد:
“…يومها أرادوا فرض الجنسية الإسرائيلية علينا، كانوا يأتون إلى بيوتنا ويقولون أن فلانا من الناس استلم الجنسية، وان فلانا تراجع..الخ، محاولين زرع الشك في نفوسنا وإضعاف موقفنا الموحد الرافض للجنسية الإسرائيلية، لكنهم لم ينجحوا، فالناس كانت واعية لهذا الأمر… عندها قرروا توزيع الهوية بالقوة، وأعلنوا عبر مكبرات الصوت حظر التجول في البلد، فما كان من الأهالي إلا ان قاموا بالتجمع في ساحة البلدة الرئيسية.. أكثر من 90% من سكان المجدل وصلوا إلى الساحة، وكان الجميع في حالة غليان.. الجيش تمركز بالساحة وكان يغلي يضا… أرادوا إطلاق النار لإخافة الأهالي وتفريقهم.. عندها اقترح البعض أن ندخل بينهم حتى نمنعهم من إطلاق النار، وهذا ما كان.. دخلنا بينهم.. ضربونا وضربناهم واشتبكنا معهم بالأيادي.. الأهالي دافعوا عن أنفسهم..”
– هل كانت هناك إصابات بين الأهالي؟
لا، لم يقع جرحى يومها لأننا كنا بين الجيش فلم يتمكنوا من إطلاق النار، علما ان الطائرات التي كانت تحوم فوق الساحة كانت تطلب منهم فتح النار..
– كيف عرفتم ذلك؟
كان الأهالي بين الجنود… كنا نسمعهم عبر اللاسلكي وهم يطلبون من الجيش فتح النار، لكن الضابط المسئول المتواجد في الساحة كان يخاف على جنوده، فرفض فتح النار واخبرهم أنها مخاطرة كبيرة فقد يصاب الجنود لان الناس بينهم ومتشابكة معهم.
–كم كان تعداد الجنود؟
مئات وأكثر… أيضا سمعنا الجيش يقول باللاسلكي ان نجدة إضافية بطريقها الى الساحة لمساعدتهم.. راقبناهم وفهمنا ان “النجدة ” القادمة لمساعدتهم هي عدة باصات من الجنود، بالإضافة الى باصين من المجندات وعدد من الخيالة… طلبنا من النساء ان تمنع المجندات من النزول من الباصات لان أخلاقنا لا تسمح أن نشتبك مع نساء أو نضربهن.. وهو ما حدث بالفعل.
– كيف تم ذلك؟
اذكر ان إحدى النساء وهي المرحومة سعود، زوجة سلمان أبو زيد، كانت تحمل عصاً. وقفت أمام الباص وعندما حاولت إحدى المجندات النزول ضربتها بالعصا على رأسها، فخافت بقية المجندات، وقررن إقفال باب الباصات والبقاء بالداخل.
هنا تدخلت اخته هدية جريرة وكان عمرها آنذاك 43 عاماً وأضافت: كنا نقوم بتجهيز خلطة فلفل وملح الليمون لنرميها في عيون الخيول عندما يأتي الجنود عليها.. كنا نحاول أن نكون نحن النساء في المقدمة لنحمي الشباب من الضرب إذا حدث اشتباك
هل تذكرين لنا حادثة معينة؟
مثلا، رأتهم المرحومة نعيمة الحلبي وهم يعتقلون تيسير جريرة، فجاءت لمساعدته وقامت بضرب اثنين من الجنود ورمتهم أرضا. كان الجميع يدا واحدة.
فتابع العم، سلمان: اذكر أيضا أن بعض الشبان استولوا، خلال الاشتباك مع الجنود، على عدة قطع من الأسلحة، وقاموا بتسليمها إلى الشيخ سلمان (سلمان طاهر ابوصالح)، عندها توجه إليه احد الضباط وقال له: نريد الأسلحة، فأجابهم: “نحن لا نريد سلاحكم، نحن نحاربكم من غير سلاح، نحن أصحاب حق وانتم من قام بالتعدي علينا”.
– كيف انتهى “يوم الساحة”؟
بعد أكثر من ساعة فهم الجيش أنه لن ينجح فطلب من الناس إخلاء المكان حتى يغادروا .
العمة فريده، زوجة سلمان جريرة التي شاركتنا اللقاء، قالت:
جاء الجنود فيما بعد إلى البيت وأرادوا تسليمنا الهوية، وقالوا لنا أن الشيخ سلمان قد استلم الهوية، فقلنا كل شخص حر بنفسه، نحن لن نستلم الهوية.. وكان عمي الشيخ محمود جريرة موجودا معنا.
– الشيخ محمود جريرة هو احد مجاهدي ثورة الـ25 ضد الفرنسيين..
نعم، كان عمره حوالي التسعين سنة، ولكن هذا لم يردع احد الضباط من التفكير بالاعتداء عليه، كانت مع الضابط عصا فرفعها بوجهه وأراد ان يضربه بها، فتصدى له عمي واستطاع ان يأخذ العصا منه، فقلت للضابط: “عيب عليك”.. اخجل! كيف تضرب شيخا عمره تسعون عاما، سوف أفضحكم في الصحافة والتلفزيون، عندها رموا لنا الهويات أمام البيت وذهبوا.
– كيف كنتم تعرفون ماذا يجري بالبلد؟
كنا ننادي عبر الأسطح على بعضنا البعض حتى نعلم ماذا يحدث عند جيراننا وباقي أهالي البلد..لان الحصار كان مفروضا على البيوت وكان منع تجول عندنا