الخميس , سبتمبر 21 2023
الرئيسية / ملفات الارشيف / من الذاكرة الجولانية / انتفاضة شباط / لذكرى الاسير المناضل ابو مجيد احمد القضماني
bumajeed

لذكرى الاسير المناضل ابو مجيد احمد القضماني


الاسير المناضل ابو مجيد احمد القضماني

عشتار نيوز للاعلام 

شخصيات جولانية/ اسرى ومعتقلين

ايمن ابو جبل

ولد الشيخ  أبو مجيد احمد القضماني في  بلدة مجدل شمس في العام 1938 لاسرة متدينة وميسورة الحال. بعد ان أنهى الدراسة الابتدائية في البلدة انتقل الى القنيطرة لمتابعة التحصيل  العلمي في المدرسة الإعدادية هناك، بيد أنه اضطر لترك المدرسة والتخلي عن حلمه في نهل المزيد من العلم، وصولا الى الدراسة الجامعية، رضوخا لضغوط الأهل عليه الذين تأثروا في حينه برأي أعضاء الهيئة الدينية، التي كانت ترى أنه من الأجدى توجيه الأولاد باتجاه نهل المعارف الدينية وكسب لقمة العيش من الأعمال التي لا علاقة لها بمال الحكومات، الذي كان يعتبر حراما حسب المفهوم الصوفي” التقليدي” الذي كان سائدا في تلك الفترة لكون الحكومات غالبا ما تقوم بجباية الأموال والضرائب من الناس قسرا !!!

بعد أن اضطر لترك المدرسة ،عمل في محل الحدادة، حيث أشتهر بصناعة الخنجر المجدلاني،  كمساعد لوالده المرحوم أبو أحمد علي القضماني، الذي كان يحظى بمكانة اجتماعية ودينية مرموقة في البلدة،. وهو من مجاهدي الثورة السورية، واحد المشاركين في معركة قلعة راشيا ضد المستعمر الفرنسي في الاعوام 1925-1927.

ولكن على أثر الأحداث الأليمة التي نزلت ببلدة مجدل شمس انذاك، جراء اعتقال عدد من أبنائها في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي واتهامهم بالتجسس لصالح الدولة العبرية، وما ترتب على ذلك من فرض الحصول على تصريح من جهاز الأمن على كل من يرغب في القدوم الى مجدل شمس من غير سكانها، لم يعد بمقدور فلاحي القرى المجاورة، احضار سككهم ومناجلهم وفؤوسهم وبقية عتادهم الزراعي لإصلاحه وترميمه في محددة والده، مما اضطره إلى نقل مقر المحددة الى بلدة مسعدة أولا ،وبعد بضعة سنوات إلى محل في ساحة بانياس بمدينة القنيطرة، التي ما لبث أن ابتاع فيها قطعة أرض مقابلة لبوابة مقبرة الشهداء في ما كان يسمى” بحارة الدروز “هناك، ثم أقام عليها منزلا اسمنتيا سرعان ما انتقلت الأسرة كلها للسكن فيه.

اضطرار ابو مجيد، لترك المدرسة والانخراط في مهنة الحدادة في مدينة القنيطرة لم يحل دون ارواء نهمه الى التزود بالثقافة واشباع رغبته في ممارسة النشاط السياسي النابع من شعور وطني عارم وايمان راسخ بقضايا الأمة وانتماء جارف لتيار القومية العربية الذي تمثل اكثر ما تمثل في تلك الحقبة من الزمن في القيادة التاريخية للزعيم العروبي جمال عبد الناصر، فكان أن عقد اتفاقا مع أحد بياعي الصحف الجوالين على أن يشتري منه الصحيفة اليومية في كل صباح على أن يستبدلها بعد أن يقرأها بصحيفة يومية أخرى، بحيث لا يمضي النهار الا وقد قرأ أو تصفح معظم الجرائد المتاحة.

لم يحل انتماء أبو مجيد للتيار الناصري في عمر مبكر دون قيام علاقة صداقة وتوطد أواصر المودة والحوار السياسي مع المرحوم “خزاعي ملي” الذي ما لبث أن أصبح امينا عاما لفرع حزب البعث في محافظة القنيطرة ورئيسا لبلدية مدينة القنيطرة ثم معاونا لوزير القرى الأمامية بعد حرب حزيران في عام 1967 ثم سفيرا لسورية في المانيا الشرقية ثم في بلغاريا ثم قنصلا عاما في إسطنبول، ناهيك عن إدارة الشؤون المالية والإدارية بوازرة الخارجية السورية.

اسفرت حرب حزيران في العام 1967  عن احتلال إسرائيل للجولان ونزوح معظم سكانه، ما عدا سكان بلدات مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية والغجر وسحيتا، كما تم اخلاء مدينة القنيطرة، ثم تدمير بيوتها بالكامل في فترة لاحقة من قبل جرافات الجيش الإسرائيلي. ولكن أبو مجيد كان قد ترك القنيطرة وفتح محلا تجاريا في بلدة مجدل شمس قبل وقوع الجولان تحت الاحتلال بعدة سنوات، كما أنه قد تزوج أثناء تلك الفترة من ابنة خالته من لبنان السيدة ” أملي الحرفاني” حيث كان  لوالدها مكانة دينية مرموقة في خلوات البياضة القائمة بجوار بلدة حاصبيا على السفوح الشمالية لجبل الشيخ .

قبل الاحتلال الاسرائيلي للجولان ، أنشأت ثلة من الشبان الوطنين الراغبين في التزود بالثقافة ما اسموه في حينه (مكتبة النهضة الثقافية) بحيث كان يتم جمع رسم اشتراك شهري من كل واحد منهم وشراء الكتب والمجلات والدوريات ذات المستوى القيم وايداعها في ركن من اركان محل أبو مجيد التجاري بحيث تكون في متناول الجميع، على ان يتولى أبو مجيد إدارة وضبط قيود اعارتها واعادتها في حين يتم اختيار عناوين الكتب  والمجلات المزمع اقتناؤها بالتشاور الجماعي، وكان من بين من شاركوا في ذلك المشروع الطليعي الرائع كل من السادة هايل حسين أبو جبل والمرحوم اسعد الولي، والسيد فوزي وهبه والسيد كنج سليمان ابو صالح  والمرحوم اسعد محمود الولي وعدد اخر من المهتمين انذاك في الشأن الفكري  والسياسي.

ويضيف معارف واصدقاء ابو مجيد خلال حديثهم عنه ” قبل وقع حرب حزيران ببضع سنوات حصلت داخل حزب البعث الحاكم آنذاك صراعات بين التيارات ذات التوجهات الفكرية المختلفة أدت إلى إقدام اثنين من أصدقاء أبو مجيد هما السيد خزاعي ملي والسيد غالب إبراهيم على ترك حزب البعث والانضمام الى حزب يساري تم إنشاؤه في حينه وسمي (حزب العمال الثوري). ونظرا إلى أن أبو مجيد كان قد تحول شيئا فشيئا إلى اعتناق الفكر الماركسي، شأنه في ذلك كشأن الكثير ممن تماهوا مع تيار القوميين العرب في تلك الآونة من الزمن، فقد انضم هو أيضا إلى الحزب اليساري الوليد،  وقد استقطب ذلك الحزب عددا من المفكرين كالمرحوم ياسين الحافظ، ويعد ابن جبل العرب طارق أبو الحسن من أبرز وجوهه.

وقعت هزيمة حزيران وقوع الصاعقة على أبناء الأمة العربية جمعاء، ومازالت الأمة حتى يومنا هذا تدفع اثمان تبعاتها الباهظة. ولكن كان من بعض اثارها الإيجابية انها قد قرعت الجرس لكي يستفيق أبناء تلك الأمة وينظروا إلى واقع أحوالهم المزرية بعيون مفتوحة.

ففي بلدات الجولان المحتل سرعان ما تخلت التيارات السياسة المتنابذة عما كان يسود العلاقة بين اتباعها من عداء مستحكم، فتلاقت القوى الوطنية المتمثلة بالناصريين والبعثيين واليساريين واتفقت على مقارعة الاحتلال دون هوادة، فنتج عن ذلك أن تم الاتفاق مع القيادة السورية في دمشق على انشاء ما سمي بـ (جبهة تحرير القنيطرة) وذلك بعد أيام فقط من انتهاء حرب حزيران عام 1967.

وقد انيطت قيادة هذا التنظيم السري في البداية بأبو مجيد احمد القضماني الذي لم يكن بعثيا. لذلك انتفلت قيادة ذلك التنظيم السري الى البعثي القديم ورئيس اتحاد الفلاحين في محافظة القنيطرة سابقا المرحوم” أبو محمد اسعد الصفدي ” لكونه بحكم ماضيه أكثر أعضاء التنظيم قربا من السلطات البعثية في دمشق، وأقدرهم على التفاهم مع رفاقه هناك، الذين كانوا موكلين آنذاك بالبت في الأمور المتعلقة بشؤون الجولان المحتل ومتابعة أنشطة التنظيم.

في العام 1969  اعتقلت السلطات الاسرائيلية  أبو مجيد ، لبضعة شهور برفقة عدد من أبناء البلدة كان من بينهم السادة “مهنا الصفدي وجميل عواد ومحمد الصباغ والمرحوم نسيب محمود وآخرون … وكانت التهمة الموجهة إليه هي كتم واخفاء المعلومات عن الحاكمية العسكرية الاسرائيلية ، وعدم التعاون الايجابي معها.

في سجن الجلمة تعرف على الشاعرين الفلسطينيين البارزين المرحوم محمود درويش والمرحوم سميح القاسم ، وفي ذلك السجن اكتسب أبو مجيد لقب (الشيخ الأحمر) الذي أطلقه عليه الشاعر سميح القاسم، لكونه يحمل أفكارا ثورية يسارية، في الوقت الذي يرتدي فيه ثيابا تقليدية، لا يلبسها عادة الا من هم من فئة (العقال- رجال الدين) من أبناء الطائفة التوحيدية الدرزية.

في  عام ١٩٧٣ تعرض اابو مجيد الى الاعتقال الاسرائيلي مرة اخرى ،وحكم عليه بالسجن لمدة 4 أعوام بتهمةو الانضمام لخلايا المقاومة الوطنية السورية في الجولان، وحيازة سلاح ناري، وقطع الحدود عدة مرات والاتصال بالأجهزة  الامنية والاستخبارية السورية، بقصد إقامة تنظيم سري مسلح لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وإعطاء معلومات للامن  السوري عن تحركات  الجيش الإسرائيلي في الجولان المحتل .ضمن خلية للمقاومة الوطنية ضمت كل من  المرحوم اسعد محمد الصفدي، هايل حسين أبو جبل، احمد القضماني، فارس الصفدي، إبراهيم نصر الله، محمد مرعي، المرحوم عبدالله القيش، صلاح فرحات، المرحوم اسعد عبد الولي، رفيق الحلبي، حمد القيش، جميل البطحيش، وسليمان البطحيش.  المرحوم فايز علي الصفدي. المرحوم أبو خزاعي محمود ملي، المرحوم أبو عدنان محمود الصفدي،  المرحوم صالح مداح ، فايز حمود الصفدي ،سعيد احمد المقت، المرحوم سلمان صالح الصفدي. الى جانب مجموعات المقاومة الوطنية التي نشطت بعد الاحتلال ولغاية اكتشافها في العام 1973-1974

ما تميز به أبو مجيد في مسيرته النضالية هو الدور الوطني الرائد مع القيادات الروحية والزمنية للعمل الوطني في الجولان المحتل الذي كان له ابلغ الأثر في خضم معركة نضال سوريي رب الجولان المحتل من اجل الاحتفاظ بهويتهم السورية ،ورفض استلام الجنسية الإسرائيلية، ومن اجل الامتناع عن اسباغ أي نوع من الشرعية على الوجود الإسرائيلي في الجولان المحتل، من خلال رفض المشاركة او القبول بأي من الأطر والهيئات المنبثقة عن ذلك الاحتلال كالمجالس المحلية والقضاء المذهبي وما أشبه…

ومما سيحفظه تاريخ الجولان المحتل لأبو مجيد أحمد القضماني أن (الوثيقة الوطنية) المجيدة التي غدت بمثابة الأرضية الصلبة التي وقف عليها أهل الجولان واستندوا الى مضامينها أثناء نضالهم الباسل لرفض قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان المحتل الى إسرائيل في خريف العام 1981 قد تمت صياغتها في بيته.. خلال لقاء  عقده عدد من الوطنيين  الوطنيين في الجولان . لمحاربة المشاريع الاسرائيلية لسلخهم عن وطنهم وامتهم .

هذا ناهيك عن أنه من خلال علاقته الوثيقة في حينه مع رئيس بلدية الناصرة الشاعر والقائد الوطني المرحوم توفيق زياد، ومع المرحوم الدكتور أميل توما والمرحوم أميل حبيبي وغيرهم من قيادات الحزب الشيوعي لدى عرب 48 .قد كان من المبادرين الى فتح الطريق امام أبناء الجولان المحتل الى جامعات الاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا واشرف على سيرورة ذلك المجهود الذي اثمر عن الحصول على اكثر من ثلاثمائة منحة دراسية لأبناء الجولان المحتل، بحيث يعود الفضل أولا لجامعة دمشق والحكومة السورية، أولا ولجامعات الاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا ثانيا وللحزب الشيوعي ثالثا على تسهيل عملية  تسجيل وعبور طلبة الجولان الى المعاهد والجامعات السوفياتية.

في العام 1982   واثناء الاضراب الشهير لسكان الجولان، تعرض  ابو مجيد الى ازمة صحية وتكفل مستشفى المقاصد الخيرية في مدينة القدس  برعايته الصحية وبقى  طيلة اشهر هناك ، حيث تحولت غرفته في المستشفى الى غرفة  اعلامية تكشف وتفضح الممارسات والانتهاكات التي تقوم بها السلطات الاسرئيلية في حصارها على قرى الجولان لفرض الجنسية الاسرائيلية عليهم، حيث منعت الحاكمية العسكرية انذاك زوجته واولاده من زيارته في المستشفى الا بعد الحصول على الجنسية الاسرائيلية.. وبعد جهود كبيرة حصلت المحامية فيليتسيا لانغر على موافقة قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي بالسماح لزوجة الشيخ القضماني زيارة زوجها في القدس. وقد وعد القائد العسكري للجولان النائب توفيق طوبي بان يسمح لها مع سائق بالوصول الى القدس. واعطي التصريح يوم 12/3/1982 بعد السفر الطويل من مجدل شمس الى القدس تحت حراسة عسكرية سمح للسائق بالخروج من سيارته وسمح للسيدة املي القضماني بزيارة زوجها لمدة ساعتين فقط وتحت حراسة الجنود المشددة، واصرت الحاكمية العسكرية بان تعود الزوجة  الى  الجولان بنفس اليوم.

في حزيران 1981 اصدر قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي أمرا باعتقال خمسة من سكان الجولان إداريا وهم الشيخ كمال كنج ابو صالح الشيخ محمود حسن الصفدي . السيد هايل أبو جبل . الشيخ احمد القضماني. السيد مهنا حسين الصفدي بتهمة التحريض.

طيلة سنوات كان  لابو مجيد زاوية جولانية على صفحات عدة جرائد ومجلات فلسطينية منها  صحيفة الاتحاد والبيادر السياسي ساهم من خلال بنشر  والتعريف عن القضايا الجولانية وقضايا سورية وعربية عديدة، وعمل على مدار سنوات طويلة بتوزيع الجرائد والمجلات الفلسطينية والعربية على الراغبين في  الحفاظ على عمق ثقافي وسياسي وادبي وفكري مع الواقع الفلسطيني والعربي.

توفي المناضل  ابا مجيد احمد علي القضماني (81 عاما )  صباح يوم 19- شباط 2019 . في مسقط رأسه في بلدة مجدل شمس ، وشُييع جثمانه الى مثواه الاخير عند الساعة الثالثةبعد الظهر بمشاركة وفود شعبية من الجولان ومناطق الجذر الفلسطيني…

 

1245 1 abomajeed (5) 1 abomajeed (4) 1 abomajeed (1) 1 abomajeed (2)  1 abomajeed (3)

1 abomajeed (7)

عن astarr net

شاهد أيضاً

aboadnan

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة مشفوعة بالقسم لقادة إضراب الجولان الخمسة أمام المحكمة الإسرائيلية

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة مشفوعة بالقسم لقادة إضراب الجولان الخمسة …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!