العمالة السورية في المستوطنات الزراعية الاسرائيلية
عشتار نيوز للاعلام والسياحة/ فشة خلق
ايمن ابو جبل
كثيرا ما يعزف شبابنا عن العمل في مجال الزراعة وهذا له مبرراته الاخلاقية والانسانية والاجتماعية….حيث لا ضمان تقاعدي مستقبلي ولا ضمانات مرضية لهم، كذلك لا يستفيدون من غطاء الضمان الاجتماعي التاميني، ولا تحسب سنوات خدمتهم.كما اعتاد الموظفون في القطاعات الاخرى، او اصحاب الشركات والمصالح…
هذا الواقع الشاذ يشمل عمال وعاملات الزراعة في الجولان المحتل ، الذين يحتاجون وبقوة الى اعادة التوازن في عملهم نحو عدالة اكثر تتطلب بالضرورة لتحقيقها، موقف موحد للعمال انفسهم ،وموقف جرئ وشجاع لمقاولي الزراعة المحليين في الجولان ،لمواجهة ارباب العمل من اصحاب المزارع في المستوطنات الاسرائيلية، يعيد لزراعتنا المحلية وعمالنا وعاملاتنا المكانة المعنوية، التي تسللت الى غير موقعها بعد سنوت طويلة من المنافسة الاقتصادية والزراعية الغير شريفة من قبل المستوطنات، لتهميش مدلاولات الزراعة المحلية للمواطن الجولاني.
الواقع الغريب ان احكام قانون العمل الاسرائيلي فيه الكثير من الضمانات،التي تلبي حقوق العمال والعاملات، الا ان عمال الزراعة والمقاولين المحليين ولسبب ما، يقبلون باي شروط يقدمها او يوفرها اصحاب المزارع في المستوطنات الاسرائيلية، دون ان تراعي كامل حقوقهم.. بحكم تغلب ثقافة السيد والتابع على جوانب عديدة في العلاقة بين العامل والمقال من جهة والمُشغل الاسرائيلي من جهة ثانية، وبحكم اعتبار العمل الزراعي بالنسبة للعديد من العاملين والعاملات، كعمل اضافي يزيد من دخلهم الاقتصادي ان كانوا متقاعدين او مُسجلين ضمن جيش العاطلين عن العمل. خاصة من العمال ” المتقاعدون” والذين التجأوا للعمل لزيادة دخلهم للتعويض عن خسائرهم في بساتينهم التي نهشتها تلك المنافسة الغير متكافئة مع المستوطنات، وجعلت الارض ومنتوجها في الجولان المحتل، عبئا على المزارع او المالك.
ماذا مثلا لو اتفق المقاولون وشركات القوى العاملة على توحيد ورفع سعر “اليومية” للعامل، خاصة في ظل هذ1ا العزوف اللافت عن العمل في هذا القطاع، بسبب تدني مدخولاته المالية على جيوبهم . فمقابل 6-7 ساعات عمل في البرد وتحت اشعة الشمس، يتلقى العامل الزراعي في الجولان مبلغ يومي يتراواح بين 130-160 شيكل، اما العمال والعاملات من قرى وبلدات الداخل الفلسطيني، (كعمالة رخيصة وافدة الى الجولان) فاحوالهم ليست افضل حال، حيث يتلقى العامل او العاملة مبلغ يتراوح بين 100-120 شيكل، في احسن الاحوال رغم بُعد مسافة السفر التي قد تستغرق ساعة او اكثر للوصول الى المزراع الاسرائيلية. في حين يحصل العامل التايلاندي او الروماني، على ساعات عمل اكثر، ومردود مالي افضل، وتأمينات صحية واجتماعية كاملة .
الورشة الزراعية التي انضممت اليها مؤخراً شكلت بالنسبة لي نموذجا رائعا للتوزان بين الجهد المبذول للعامل، والاجر المدفوع، فقد اجتمعت ارادة العمال ” الزملاء الرائعون في الورشة” على وضع تسعيرة عمل لانفسهم بحسب قول احد الزملاء” تتوافق مع المجهود وانتاجية العمل، وفي حال رفض المُشغل الاسرائيلي، او المقاول المحلي تلك التسعيرة، فالجلوس امام اشجارنا وارزاقنا اشرف من العمل الرخيص في المستوطنات… والاغلبية من عمالنا تمتلك الخبرات والمهارات التي يجب المحافظة على قيمتها في مواجهة النقص الحاد في القوى العاملة الزراعية ، ومواجهة هذا التشويه والاستهتار الذي تتعرض له قيمة العمل الزراعي، والخبرات التراكمية لعمالنا وعاملاتنا، التي نتجت عن كونهم فلاحين ومزارعين عبر الاجيال وبالوراثة، وخبرتهم التي راكموها خلال سنوات عملهم في مزارع المستوطنات.
المؤسف جدًا، أن هناك مقاولون وعمال لا يعيرون اهمية للتسعيرة المعنوية والاخلاقية لتقانة عمل عمالنا وخبرتهم وتفانيهم في العمل في” اراضيهم المسلوبة في المستوطنات الاسرائيلية” التي تدر اموالا طائلة وتنتج كميات كبيرة من الثمار المختلفة التي تصب جميعها في موازنة الاستيطان الاسرائيلي، ولصالح ترجيح كفة مشروع الاستيطان مقابل اصحاب الارض الشرعيين، الذي يجني أرباحا تصل الى اكثر من 500 مليون شيكل سنويا من القطاع الزراعي.