محاولة اغتيال المتنبي بالدوكة (كفر عاقب) بالجولان
عشتار نيوز للاعلام والسياحة/ قضايا جولانية
محمد زعل السلوم/ باحث اجتماعي و روائي وشاعر سوري من الجولان
يذكر معجم البلدان لياقوت الحموي في مجلده الرابع، ما يخبرنا به المتنبي في إحدى قصائده أن كافور الإخشيدي حاول اغتياله في مدينة كفر عاقب (الدوكة) الواقعة في أرض الجولان على الساحل الشرقي لطبرية، فيقول المتنبي :
أتاني وعيدُ الأدعياء وأنهم
اعَدوا ليَ السودان في كفر عاقبِ
ولو صدقوا في جدهم لحذِرتهم
فهل في وحدي قولهم غير كاذب
والواضح من هذه الحادثة تثبت التواجد السكاني لأبناء الجولان في العصر العباسي، رغم ما عُرف عن إهمال العباسيين للجولان، وقد ذكر الطبري أن عبد الله بن علي كان في سنة 135 هجري (752 ميلادي)، وبالسنة الثالثة للخلافة العباسية كان أميراً على الجولان من ضمن المناطق العديدة التي كانت تحت إمرته مثل حمص وقنسرين وبعلبك والغوطة وحوران والأردن.
ورغم قلة المعلومات في المدونات التاريخية العربية حول الأحداث التاريخية المتعلقة بالجولان خلال ثلاثة قرون تجسد ازدهار وانحدار الخلافة العباسية، فإضافة لحادثة محاولة اغتيال المتنبي في الجولان وإمارة عبد الله بن علي عليها. تظهر حادثة ثالثة وقعت في سهل الأقحوانة جنوبي غربي الجولان، خلال الصراع الفاطمي العباسي للسيطرة على بلاد الشام، وذلك عام 420 هجري (1028 ميلادي)، حيث حصلت معركة بين القائد الفاطمي أنشتكين الدزبري، الشهير بمنتجب الدولة، بمؤازرة زعيم الكلبيين، رافع بن أبي الليل، وبين الحلف البدوي، بقيادة حسان بن المفرج بن الجراح الذي انضاف إليه صالح بن مرداس، أمير بني كلاب.
وقد انهزم الحلف البدوي أمام الفاطميين، وقُتل صالح بن مرداس، ففر حسان، ومن معه إلى جبال الجولان بعد أن قُتل منهم الكثير. وكانت المعركة فاصلة في وضع حد للعبث والتخريب الذي ساد في عموم بلاد الشام، إذ استقرت الأمر لأكثر من أربعين سنة تالية إثر هذه المعركة الجولانية.
تمثل فترة العباسيين مرحلة كالحة من تاريخ الجولان، وبلاد الشام عموماً، تمثلت بتحولها من مركز الإمبراطورية العربية الإسلامية إلى طرف من أطرافها، بل إلى طرف مغضوب عليه كما يذكر الباحث تيسير خلف في كتابيه تاريخ الجولان المفصل والجولان في مصادر التأريخ العربي، مما عرض الجولان للتجاهل والإجحاف، إذ تشير بعض المصادر العربية إلى أن العباسيين هدموا صروحاً كثيرة بناها الأمويون في الجولان التي كانت معقل الأمويين.
أما الدوكة التي تمت فيها محاولة اغتيال المتنبي والتي نجا فيها بالمقابل فهي بالغة الجمال بإطلالتها على بحيرة طبرية ووتعرضت لمجزرة رهيبة ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق أهالي الدوكة غو كفر عاقب حسب اسمها القديم. وبعد الاحتلال أقيم على أنقاضها مستوطنة راموت وهي احدى أهم مستوطنات الجولان بالقطاع الجنوبي وفيها منتجعات ونادي للخيول وحمامات سباحة تطل على طبرية.