السبت , مارس 25 2023
الرئيسية / شخصيات جولانية / شهداء الجولان / ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )
asag-knj-small

ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )

ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )

 الأستاذ  حامد الحلبي/  من صفحة الفايس بوك

عندما نذكر يوم الاستقلال السوري الذي اشتهر ب/ يوم الجلاء / ، والذي أعلن في 17 / نيسان / 1946 . ونستذكر بطولات شعبنا في كفاحه المجيد لنَيل هذا الاستقلال ٠٠٠ فلابد من استذكار الأبطال الذين قادوا هذا الكفاح …. ومن هؤلاء الابطال المجاهد / أسعد كنج أبو صالح / ، الذي قاد كفاح شعبنا في شمالي الجولان ومناطق جبل الشيخ ، و المعروفة بإسم : / إقليم البلّان / خلال الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال ، الفرنسي( 1925-1927 ) والتي قادها المجاهد البطل سلطان باشا الأطرش ، و قد وقف المجاهد أسعد كنج إلى جانب سلطان في قيادة هذه الثورة ، عقب انتقاله إلى جبل العرب ، بعد إخماد الثورة في إقليم البلّان في عام 1926 ٠٠٠

و كان المجاهد أسعد كنج أبو صالح من أوائل الذين ناصروا الحكم العربي في بلاد الشام ، ومن الذين قدّرَهم واحترَمهم رئيس هذا الحكم الأمير ( الملك فيما بعد) فيصل بن الحسين ، و من الذين قابلهم هذا الامير في دمشق بعد تحريرها من الحكم التركي عام 1918 .

= والكلام هنا ، غير مخصص للحديث الشامل عن سيرة هذا المجاهد الكبير ، فهذا لا يتسع له المجال هنا، ويحتاج إلى بحث مستقل ، ولكنني أتناول هنا ذكريات / أسعدني الحظ/ أنني كنت شاهدا عليها مع هذا المجاهد البطل ومنها :

بعد قيام الوحدة بين سورية ومصر في 22/شباط/1958 ، قام الرئيس السوري / شكري القوتلي/ بالتنازل عن منصبه رئيساً ل( الجمهورية السورية ) ( هذا هو الاسم الرسمي لسورية آنذاك ) لصالح الرئيس المصري / جمال عبد الناصر / الذي اصبح رئيسا للقطرين بعد أن شكّلا دولة واحدة باسم : ( الجمهورية العربية المتحدة) ، وقد اعطى الرئيس عبد الناصر للرئيس شكري القوتلي لقب /المواطن العربي الأول/ تقديرا واحتراما له.

وفي هذه الاثناء أراد الرئيس شكري القوتلي — قبل ان يغادر منصبه — ان يقوم بجولة وداعية لمناطق الجبهة السورية مع فلسطين المحتلة / جبهة الجولان / ، وكان مسار جولة الرئيس القوتلي ، أن يأتي من مدينة / القنيطرة /الى قرية/ مسعدة / ، ومنها الى قرية /واسط / ثم بقية مناطق الجولان جنوبا… فعرف الناس في قرانا في شمالي الجولان بهذه الجولة ، وعن مروره في قرية مسعدة ، فبدؤوا بالتجمهر والاحتشاد عند مفرق طريق واسط في الجانب الجنوبي من قرية مسعدة، حيث سيمر موكب الرئيس …. وقبيل الموعد بحوالي ساعتين، مرَّ علينا في بيتنا المناضل المرحوم الأستاذ / كمال كنج أبو صالح/ الإبن الأكبر للمجاهد اسعد كنج ( وكانت هنالك صداقة متينة بين المرحوم والدي والمجاهد اسعد كنج ، ومن عواملها ، أنَّ والدي كان من المجاهدين الذين قاتلوا تحت قيادة المجاهد اسعد كنج ) واستمرت هذه الصداقة مع ابنه كمال ٠٠٠ وكنت وقتها طفلا في الصف الخامس الابتدائي واخي الأكبر / رفيق / في المرحلة الثانوية .

فطلب الأستاذ/ كمال / منا ( انا واخي) إعطاءه ورقة وقلم فأعطيناه ، فجلس على الطاولة في زاوية غرفة بيتنا المطلّة على مفرق واسط، وبدا يكتب على الورقة ، (تقديري أنه كان يكتب رؤوس أقلام وأفكار رئيسية للكلمة التي سيلقيها أمام الرئيس القوتلي ، لأنه كان خطيباً بليغاً ومفوّها لا يحتاج الى كتابة خطابه )٠٠

وبعد اقل من ساعة ، ذهبنا معا الى مكان الاحتفال عند مفرق واسط … وكانت الحشود البشرية القادمة من القرى في شمالي الجولان تتوالى طوعيّا وبكلّ حماس ، ومنها حَشد من قرية / مجدل شمس / يتقدمه الشيخ المجاهد/ اسعد كنج أبو صالح / بلباسه العربي التقليدي ، واصطفّت الحشود انتظاراً لقدوم الرئيس القوتلي ، وهي تهتف للوحدة وفلسطين وللرئيسين : شكري القوتلي وجمال عبد الناصر … ولم يطُل بنا الانتظار حتى جاء موكب الرئيس ومن معه ، و وصلوا الى مكان الاحتفال ، وهنا ازداد حماس الجماهير وازدات الهتافات الوطنية، واستطعت أنا أن أزاحم أجساد الناس و أصل إلى مقدمتهم ، فشاهدت ما يجري بوضوح فكان أن تقدم كلٌّ من الرئيس القوتلي والمجاهد الشيخ اسعد كنج من بعضهما ، وتعانقا والتفّت يدا كلٍّ منهما وراء ظهر الاخر في عناق حميميٍّ مؤثر …وهنا ازداد حماس الهتافات ومنها ( عاش شكري وجمال ) ( تحيا الوحدة العربية )( فلسطين عربية) و من هذا القبيل ، ثم وضع الرّجلان أيديهما خلف بعضهما وسارا أمام الناس على الطريق ، مع كبار المستقبلين وأعضاء الوفد المرافق للرئيس ، ولكن الناس التفّت حولهما في بحر متلاطم من البشر مع أجواء الفرح الغامر ، والهتافات الهادرة التي شاركتُ أنا فيها بصوتي الطّفولي المليء بالفرح ٠٠٠

ومن التفاصيل التي أذكرها تماما انّ الناس هَجَمت نحو الرئيس القوتلي وحاولوا ان يحملوه على الاكتاف ، فلم يقبل منهم … ولكنهم استطاعوا أن يحملوا على أكتافهم رئيس اركان الجيش السوري آنذاك / عفيف البزري / بثيابه العسكرية ( لم اعد اذكر رتبته ) و وسط الهتافات الهادرة …

لا اذكر تماما بقية تفاصيل الاحتفال او الكلمات التي قيلت ولكن اذكر تماما ، أن الرئيس القوتلي والمجاهد أسعد كنج ، بقيا طيلة الوقت مع بعضهما ، وبقيّة الناس تحيط بهما ….و صداقتهما قديمة ، تعود إلى أيام جهادهما في الثورة السورية الكبرى ، وفي العمل الوطنى العام لاستقلال سورية ، و ودّعا بعضهما في عناقّ حميم ٠٠٠ وغادر موكب الرئيس باتجاه / واسط / وسط الهتافات المدوية و الأهازيج الوطنية المؤثرة ٠٠

وفي عام / 1962 / كانت عوامل الشيخوخة تؤثر في صحة الشيخ /أبو كمال اسعد كنج أبو صالح/ ، فاضطر لإجراء عملية جراحية في دمشق لاستخراج بحصة من جسمه، وخرج من المستشفى ، ولم يكن هنالك أطباء او أية خدمات طبية في قرانا ، سوى مستوصف للجيش يقع بجانب بيتنا في / مسعدة / ، كان يداوي العساكر والمدنيين ، فشرّفنا / الشيخ أبو كمال / بأن جاء الى بيتنا وبقي عندنا مدة أسبوع على الأقل ، ليكون قريباً من المستوصف ، حيث تم الاشراف الطبي عليه بعد العملية ، من قبل الأطباء والممرضين العاملين في المستوصف حتى تعافى ، وقد رافقه طيلة هذه المدة عندنا ابنه الأستاذ كمال .

وخلال هذه الفترة التي شرّفنا فيها الشيخ أبو كمال في بيتنا ، كان يتوافد الناس للسلام عليه والإطمئنان على صحته …. وكم كان حديثُه ممتعاً وصادقا ونبيلا ومتواضعا ، فعندما كان يُسأل عن أحداث الثورة ، وكيف قاد عمليات القتال ( وهو القائد الشجاع والحكيم ) فكان يعتذر عن الإجابة ( لئلا تفسّر انه يتكلم عن نفسه ) ويقول لهم : أسالوا (اسعد شرّوف )!!!! و / أسعد شرّوف / هذا ، شخص من عامّة الناس في مجدل شمس ، وكان مقاتلاً مقداماً بطلاً … وهذا التصرف ، صفة الكبار في اخلاقهم وشرفهم … وكان يؤكد دائما ان ( بطولة الشعب هي بطولة جماعيّة ) ، وهي كذلك فعلا ٠٠٠٠ و كم كان انفعاله صادقاً و قويّاً ، عندما ذُكِر أمامه ما أوردَه أحد الذين كتبوا عن تاريخ الثورة في إقليم البلّان و جبل الشيخ و هو ( نزيه المؤيّد العظم ) ، فوجده غير صحيح ، و فيه مُحاباة ، فانفجر قائلاً : ( هذا مش صحيح ٠٠٠ هذا تزوير ٠٠٠ مش هيك صار معنا ٠٠ !!! ) ٠٠

ولكن تواضع المجاهد الكبير/ أسعد كنج / لا ينفي دور القيادة المخلصة والشجاعة والحكيمة ، في قيادة الناس للنصر و الإزدهار ، وهو من هؤلاء القادة…

= كنت أستمع إلى حديثه بكل كياني ، و أنا منجذبٌ إليه بكل مشاعري ، ( و كان هذا أيضاً حال الحضور كلهم ) ، فهو لا يتحدّث كشخص فقط ، بل كنت أحسّ انَّ المتحدّث ، هو التاريخُ الصادق الناصع المُشرّف ٠٠٠٠

وكان المرحوم المجاهد / أبو كمال / يشرّفنا بزيارته من فترة لأخرى … و في إحدى المرات زارنا – في أوائل الستينات – وكان الوقت في فترة الامتحانات فوجَدَنا — انا وأخي رفيق — نقرأ ، والكتُب بين أيدينا ….. فسألَنا عن دراستنا ، وشجّعنا على العلم ، وخاطَبَنا بكلماتٍ تاريخية لا أنساها قائلا : ( يا ابني العلم مفيد وضروري ، والأمم تتقدم بالعلم ، ولكن ارجو ان لا يوصلكم هذا العلم إلى أن تتنكّروا لعاداتنا و تراثنا العريق !!! ) ٠٠٠

= توفي المرحوم المجاهد / أبو كمال أسعد كنج أبو صالح في 6 / 3 / 1963 ، وأقيم له عزاء كبير يوم وفاته ، وأقيم له أيضا حفل تأبينيٌّ في ذكرى أربعينه ، كان نادر المثال في أهميته و ضخامته ، وبآلاف الناس الذين جاؤوا للتعازي من الجولان و غيره من مناطق سورية ، وقد حضره المرحوم المجاهد / سلطان باشا الأطرش / وعدد كبير من المجاهدين ورجالات سورية من كل المناطق والفعاليات ,

في ذكرى الجلاء ، الذي يترافق مع قدوم الربيع ، فان أعمال وكلمات / المجاهد أسعد كنج أبو صالح/ و أمثالُه من الأبطال ، ستبقى ربيعاً مُتجددا ، ومنارةً للأجيال في بلادنا ، لننجزَ التّحرير الكامل لتُرابنا الوطني ، وأوّله جولاننا الحبيب ، وليستعيدَ وطنُنا عافيتَه ، ويصبحَ كما حلُم به أهلُنا الأبطال وشهداؤنا و عموم أبناء شعبنا العظيم ٠٠٠٠

— حامد الحلبي —

2-8-2019 asad-knj2019

الصورة الثانية للرئيسين : شكري القوتلي ( على اليسار ، و جمال عبد الناصر ( على اليمين ) ٠

عن astarr net

شاهد أيضاً

amer mahkol

دور التمويل الخارجي في صعود الصهيونية الدينية. مشروع السيطرة على مؤسسات الدولة والمجتمع الإسرائيلي

دور التمويل الخارجي في صعود الصهيونية الدينية. مشروع السيطرة على مؤسسات الدولة والمجتمع الإسرائيلي مركز …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!