الجمعة , ديسمبر 1 2023
الرئيسية / شخصيات جولانية / شهداء الجولان / ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )
asag-knj-small

ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )

ذكرى الجلاء …في ذكريات عن أحد صانعي الجلاء من الجولان المجاهد أسعد كنج أبو صالح (1879-1963 )

 الأستاذ  حامد الحلبي/  من صفحة الفايس بوك

عندما نذكر يوم الاستقلال السوري الذي اشتهر ب/ يوم الجلاء / ، والذي أعلن في 17 / نيسان / 1946 . ونستذكر بطولات شعبنا في كفاحه المجيد لنَيل هذا الاستقلال ٠٠٠ فلابد من استذكار الأبطال الذين قادوا هذا الكفاح …. ومن هؤلاء الابطال المجاهد / أسعد كنج أبو صالح / ، الذي قاد كفاح شعبنا في شمالي الجولان ومناطق جبل الشيخ ، و المعروفة بإسم : / إقليم البلّان / خلال الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال ، الفرنسي( 1925-1927 ) والتي قادها المجاهد البطل سلطان باشا الأطرش ، و قد وقف المجاهد أسعد كنج إلى جانب سلطان في قيادة هذه الثورة ، عقب انتقاله إلى جبل العرب ، بعد إخماد الثورة في إقليم البلّان في عام 1926 ٠٠٠

و كان المجاهد أسعد كنج أبو صالح من أوائل الذين ناصروا الحكم العربي في بلاد الشام ، ومن الذين قدّرَهم واحترَمهم رئيس هذا الحكم الأمير ( الملك فيما بعد) فيصل بن الحسين ، و من الذين قابلهم هذا الامير في دمشق بعد تحريرها من الحكم التركي عام 1918 .

= والكلام هنا ، غير مخصص للحديث الشامل عن سيرة هذا المجاهد الكبير ، فهذا لا يتسع له المجال هنا، ويحتاج إلى بحث مستقل ، ولكنني أتناول هنا ذكريات / أسعدني الحظ/ أنني كنت شاهدا عليها مع هذا المجاهد البطل ومنها :

بعد قيام الوحدة بين سورية ومصر في 22/شباط/1958 ، قام الرئيس السوري / شكري القوتلي/ بالتنازل عن منصبه رئيساً ل( الجمهورية السورية ) ( هذا هو الاسم الرسمي لسورية آنذاك ) لصالح الرئيس المصري / جمال عبد الناصر / الذي اصبح رئيسا للقطرين بعد أن شكّلا دولة واحدة باسم : ( الجمهورية العربية المتحدة) ، وقد اعطى الرئيس عبد الناصر للرئيس شكري القوتلي لقب /المواطن العربي الأول/ تقديرا واحتراما له.

وفي هذه الاثناء أراد الرئيس شكري القوتلي — قبل ان يغادر منصبه — ان يقوم بجولة وداعية لمناطق الجبهة السورية مع فلسطين المحتلة / جبهة الجولان / ، وكان مسار جولة الرئيس القوتلي ، أن يأتي من مدينة / القنيطرة /الى قرية/ مسعدة / ، ومنها الى قرية /واسط / ثم بقية مناطق الجولان جنوبا… فعرف الناس في قرانا في شمالي الجولان بهذه الجولة ، وعن مروره في قرية مسعدة ، فبدؤوا بالتجمهر والاحتشاد عند مفرق طريق واسط في الجانب الجنوبي من قرية مسعدة، حيث سيمر موكب الرئيس …. وقبيل الموعد بحوالي ساعتين، مرَّ علينا في بيتنا المناضل المرحوم الأستاذ / كمال كنج أبو صالح/ الإبن الأكبر للمجاهد اسعد كنج ( وكانت هنالك صداقة متينة بين المرحوم والدي والمجاهد اسعد كنج ، ومن عواملها ، أنَّ والدي كان من المجاهدين الذين قاتلوا تحت قيادة المجاهد اسعد كنج ) واستمرت هذه الصداقة مع ابنه كمال ٠٠٠ وكنت وقتها طفلا في الصف الخامس الابتدائي واخي الأكبر / رفيق / في المرحلة الثانوية .

فطلب الأستاذ/ كمال / منا ( انا واخي) إعطاءه ورقة وقلم فأعطيناه ، فجلس على الطاولة في زاوية غرفة بيتنا المطلّة على مفرق واسط، وبدا يكتب على الورقة ، (تقديري أنه كان يكتب رؤوس أقلام وأفكار رئيسية للكلمة التي سيلقيها أمام الرئيس القوتلي ، لأنه كان خطيباً بليغاً ومفوّها لا يحتاج الى كتابة خطابه )٠٠

وبعد اقل من ساعة ، ذهبنا معا الى مكان الاحتفال عند مفرق واسط … وكانت الحشود البشرية القادمة من القرى في شمالي الجولان تتوالى طوعيّا وبكلّ حماس ، ومنها حَشد من قرية / مجدل شمس / يتقدمه الشيخ المجاهد/ اسعد كنج أبو صالح / بلباسه العربي التقليدي ، واصطفّت الحشود انتظاراً لقدوم الرئيس القوتلي ، وهي تهتف للوحدة وفلسطين وللرئيسين : شكري القوتلي وجمال عبد الناصر … ولم يطُل بنا الانتظار حتى جاء موكب الرئيس ومن معه ، و وصلوا الى مكان الاحتفال ، وهنا ازداد حماس الجماهير وازدات الهتافات الوطنية، واستطعت أنا أن أزاحم أجساد الناس و أصل إلى مقدمتهم ، فشاهدت ما يجري بوضوح فكان أن تقدم كلٌّ من الرئيس القوتلي والمجاهد الشيخ اسعد كنج من بعضهما ، وتعانقا والتفّت يدا كلٍّ منهما وراء ظهر الاخر في عناق حميميٍّ مؤثر …وهنا ازداد حماس الهتافات ومنها ( عاش شكري وجمال ) ( تحيا الوحدة العربية )( فلسطين عربية) و من هذا القبيل ، ثم وضع الرّجلان أيديهما خلف بعضهما وسارا أمام الناس على الطريق ، مع كبار المستقبلين وأعضاء الوفد المرافق للرئيس ، ولكن الناس التفّت حولهما في بحر متلاطم من البشر مع أجواء الفرح الغامر ، والهتافات الهادرة التي شاركتُ أنا فيها بصوتي الطّفولي المليء بالفرح ٠٠٠

ومن التفاصيل التي أذكرها تماما انّ الناس هَجَمت نحو الرئيس القوتلي وحاولوا ان يحملوه على الاكتاف ، فلم يقبل منهم … ولكنهم استطاعوا أن يحملوا على أكتافهم رئيس اركان الجيش السوري آنذاك / عفيف البزري / بثيابه العسكرية ( لم اعد اذكر رتبته ) و وسط الهتافات الهادرة …

لا اذكر تماما بقية تفاصيل الاحتفال او الكلمات التي قيلت ولكن اذكر تماما ، أن الرئيس القوتلي والمجاهد أسعد كنج ، بقيا طيلة الوقت مع بعضهما ، وبقيّة الناس تحيط بهما ….و صداقتهما قديمة ، تعود إلى أيام جهادهما في الثورة السورية الكبرى ، وفي العمل الوطنى العام لاستقلال سورية ، و ودّعا بعضهما في عناقّ حميم ٠٠٠ وغادر موكب الرئيس باتجاه / واسط / وسط الهتافات المدوية و الأهازيج الوطنية المؤثرة ٠٠

وفي عام / 1962 / كانت عوامل الشيخوخة تؤثر في صحة الشيخ /أبو كمال اسعد كنج أبو صالح/ ، فاضطر لإجراء عملية جراحية في دمشق لاستخراج بحصة من جسمه، وخرج من المستشفى ، ولم يكن هنالك أطباء او أية خدمات طبية في قرانا ، سوى مستوصف للجيش يقع بجانب بيتنا في / مسعدة / ، كان يداوي العساكر والمدنيين ، فشرّفنا / الشيخ أبو كمال / بأن جاء الى بيتنا وبقي عندنا مدة أسبوع على الأقل ، ليكون قريباً من المستوصف ، حيث تم الاشراف الطبي عليه بعد العملية ، من قبل الأطباء والممرضين العاملين في المستوصف حتى تعافى ، وقد رافقه طيلة هذه المدة عندنا ابنه الأستاذ كمال .

وخلال هذه الفترة التي شرّفنا فيها الشيخ أبو كمال في بيتنا ، كان يتوافد الناس للسلام عليه والإطمئنان على صحته …. وكم كان حديثُه ممتعاً وصادقا ونبيلا ومتواضعا ، فعندما كان يُسأل عن أحداث الثورة ، وكيف قاد عمليات القتال ( وهو القائد الشجاع والحكيم ) فكان يعتذر عن الإجابة ( لئلا تفسّر انه يتكلم عن نفسه ) ويقول لهم : أسالوا (اسعد شرّوف )!!!! و / أسعد شرّوف / هذا ، شخص من عامّة الناس في مجدل شمس ، وكان مقاتلاً مقداماً بطلاً … وهذا التصرف ، صفة الكبار في اخلاقهم وشرفهم … وكان يؤكد دائما ان ( بطولة الشعب هي بطولة جماعيّة ) ، وهي كذلك فعلا ٠٠٠٠ و كم كان انفعاله صادقاً و قويّاً ، عندما ذُكِر أمامه ما أوردَه أحد الذين كتبوا عن تاريخ الثورة في إقليم البلّان و جبل الشيخ و هو ( نزيه المؤيّد العظم ) ، فوجده غير صحيح ، و فيه مُحاباة ، فانفجر قائلاً : ( هذا مش صحيح ٠٠٠ هذا تزوير ٠٠٠ مش هيك صار معنا ٠٠ !!! ) ٠٠

ولكن تواضع المجاهد الكبير/ أسعد كنج / لا ينفي دور القيادة المخلصة والشجاعة والحكيمة ، في قيادة الناس للنصر و الإزدهار ، وهو من هؤلاء القادة…

= كنت أستمع إلى حديثه بكل كياني ، و أنا منجذبٌ إليه بكل مشاعري ، ( و كان هذا أيضاً حال الحضور كلهم ) ، فهو لا يتحدّث كشخص فقط ، بل كنت أحسّ انَّ المتحدّث ، هو التاريخُ الصادق الناصع المُشرّف ٠٠٠٠

وكان المرحوم المجاهد / أبو كمال / يشرّفنا بزيارته من فترة لأخرى … و في إحدى المرات زارنا – في أوائل الستينات – وكان الوقت في فترة الامتحانات فوجَدَنا — انا وأخي رفيق — نقرأ ، والكتُب بين أيدينا ….. فسألَنا عن دراستنا ، وشجّعنا على العلم ، وخاطَبَنا بكلماتٍ تاريخية لا أنساها قائلا : ( يا ابني العلم مفيد وضروري ، والأمم تتقدم بالعلم ، ولكن ارجو ان لا يوصلكم هذا العلم إلى أن تتنكّروا لعاداتنا و تراثنا العريق !!! ) ٠٠٠

= توفي المرحوم المجاهد / أبو كمال أسعد كنج أبو صالح في 6 / 3 / 1963 ، وأقيم له عزاء كبير يوم وفاته ، وأقيم له أيضا حفل تأبينيٌّ في ذكرى أربعينه ، كان نادر المثال في أهميته و ضخامته ، وبآلاف الناس الذين جاؤوا للتعازي من الجولان و غيره من مناطق سورية ، وقد حضره المرحوم المجاهد / سلطان باشا الأطرش / وعدد كبير من المجاهدين ورجالات سورية من كل المناطق والفعاليات ,

في ذكرى الجلاء ، الذي يترافق مع قدوم الربيع ، فان أعمال وكلمات / المجاهد أسعد كنج أبو صالح/ و أمثالُه من الأبطال ، ستبقى ربيعاً مُتجددا ، ومنارةً للأجيال في بلادنا ، لننجزَ التّحرير الكامل لتُرابنا الوطني ، وأوّله جولاننا الحبيب ، وليستعيدَ وطنُنا عافيتَه ، ويصبحَ كما حلُم به أهلُنا الأبطال وشهداؤنا و عموم أبناء شعبنا العظيم ٠٠٠٠

— حامد الحلبي —

2-8-2019 asad-knj2019

الصورة الثانية للرئيسين : شكري القوتلي ( على اليسار ، و جمال عبد الناصر ( على اليمين ) ٠

عن astarr net

شاهد أيضاً

Screenshot_20231017_122138_Chrome

أمتار تفصل بين إيران وإسرائيل في الجولان

أمتار تفصل بين إيران وإسرائيل في الجولان جريدة الجريدة «الحرس الثوري» يجتاز «شريط الـ 40 …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!