من الصحافة الإسرائيلية تمزق اجتماعي عميق: سكان الجولان ضد مشروع التوربينات الهوائية
عشتار نيوز للإعلام/ من الصحافة العبرية /
تظاهر صباح امس (الاثنين) حوالي 150 من سكان الجولان أمام مكاتب الفاتال (اللجنة الوطنية للبنية التحتية الاسرائيلية) احتجاجًا على مشروع التوربينات الهوائية المزمع اقامتها في المناطق الزراعية المتاخمة لقراهم، وقد نفذ المتظاهرون اعتصاما اثناء المداولات المغلقة التي عقدتها اللجنة في القدس، لاتخاذ قرار نهائي بشأن إقامة المراوح في قرى الجولان قبل تقديمها لمصادقة الحكومة الإسرائيلية، بعد الاستماع الى مئات الاعتراضات التي قدمها السكان. ولم تسفر المداولات يوم امس عن نتائج معلنة بعد، حيث أرجى القرار بهذا الشأن إلى اجتماع يُعقد في وقت أخر.
نبيه الحلبي أحد سكان مجدل شمس واحد الناشطين في مناهضة المشروع قال “عندما أتوا إلينا قبل حوالي 7-5 سنوات وعرضوا علينا المشروع، عشرات الأشخاص وقعوا على اتفاقيات مع الشركة، لكن مع مرور الوقت تبين لهم خطورة هذا المشروع بعد نشر دراسات وابحاث عديدة تبين خطورته واضراره على حياة وصحة السكان، وعلى مرافقهم السياحية، وعلى الطبيعة والانسان والطيور والبيئة.
وأضاف الحلبي ” شركة(انرجكس) وعدت المزارعين بدخل مادي من المشروع حوالي 2-3-% لكن في نهاية الامر المزارع سيحصل على 60 الف شيكل سنويا لكن تكبده اضرار وخسائر هائلة جدا سيخلفها المشروع.
لقد أظهرت الأبحاث بالفعل أن التوربينات تنتج مخاطر خطيرة للغاية. لا نريد هذه التوربينات القريبة منا.” وأشار إلى أنه منذ تزايد الوعي بالأضرار ومع تصاعد المقاومة لإنشاء التوربينات، نشأ خلاف اجتماعي عميق بين أصحاب الأراضي الذين وافقوا على إنشاء التوربينات ومعارضي المشروع.
وأضاف الحلبي أن هناك من يسعون إلى إلغاء الاتفاقيات التي وقعوا عليها ، لكنهم يواجهون تهديدات جدية وخطيرة من الشركة “الآن هم في محنة كبيرة – ممزقون بين التزامهم تجاه مجتمعهم ومعارضتهم للمشروع، والخوف من الغرامات والمستحقات المالية التي تهددهم بها الشركة .. في حال انسحبوا”.
وتضيف الصحيفة” في مرتفعات الجولان، يتم التخطيط لمشروعين آخرين مماثلين ، في المناطق الزراعية في كيبوتسات ومستوطنات صغيرة. وتثير هذه المشاريع أيضًا اعتراضات وتوترات داخل السكان االيهود. وهناك حملة قوة لمناهضة هذه المشاريع والاستعانة عنها بمشاريع اللوحات الشمسية
هذا الصدد قال نبيه الحلبي إن “محاولة تقديم معارضتنا لمشروع التوربينات كخطوة ضد إسرائيل هي محاولة لتضليل الجمهور. هذا صراع بين جميع سكان مرتفعات الجولان الدروز واليهود من أجل صحتنا. سيكون من الخطأ تقديمه بطريقة مختلفة لأصواتنا “.
من جهته قال أوري شيلوني ، أحد قادة “صراع 2020” وهي حركة تعارض المشروع ايضاً وتُطلق عليه “المصانع الملوثة” ، أن “هذا المشروع ، مثل المشاريع المماثلة المخطط لها في شمال الجولان ، سيتسبب في أضرار جسيمة. هذه توربينات هي في الواقع وحوش تتسبب في أضرار جسيمة للإنسان والطبيعة والزراعة”. ويقول: “إن آثار التوربينات الضخمة تصل إلى 20 كيلومترًا. إسرائيل بلد صغير كثيف ولا يناسب توربينات الرياح. الحل البديل للطاقة هو استخدام الطاقة الشمسية على الأسطح وخزانات المياه وغيرها”.
وتعقيبا عن جلسة الفاتال يوم امس تحدث الناشط نبيه الحلبي لمراسل عشتار نيوز للإعلام عن هذا المشروع ” … منذ سبعينيات القرن الماضي ودولة الاحتلال تخطط للاستفادة من طاقة الرياح في مرتفعات الجولان وذلك لإنتاج الكهرباء النظيفة من مصدر متجدد لا ينضب وهو الرياح المتوفرة على مدار العام في هضاب الجولان.
. وبالفعل قامت جهة مختصة من المستوطنين في الجولان بأخذ قياس سنوي لسرعة واتجاه الرياح في الجولان وتبين أن الجولان وخاصة شماله حيث القرى المحتلة ( مجدل شمس و بقعاثا و ومسعدة و عين قنيا ) تحوي أراضيها أعلى كمية وسرعة للرياح على مدار السنة. وتمت إقامة مجموعة من المراوح سنة ١٩٩٠ بارتفاع ٤٢ متر على تلة الغسانية المقابلة لمعبر القنيطرة . حيت تخضع تلك الأراضي لسيطرة كاملة للمستوطنات الإسرائيلية.
واستمر التخطيط الدائم من قبل الجهات المختصة في دولة الاحتلال لبناء مزارع طوربينات هوائية على أراضي الجولان فبدأت شركة ( ماي چولان) عام ٢..٤ بالطلب من مزارعي القرى السورية المحتلة بالتوقيع على عقد يسمح للشركة باستغلال طاقة الرياح المارة فوق أراضيهم عبر إقامة مراوح عملاق .
لكن في عام ٢٠١٠ تم تأسيس شركة محلية من القرى المحتلة لتأخذ زمام المبادرة وتقيم هي المشروع وتحوله لمشروع اهلي وشعبي بملكية أهالي الجولان وحدهم، وتمنع بالتالي دخول الشركات الاسرائيلية المستهدفة والطامعة في خيرات وأراضي الجولانيين.
الشركة تكونت من ٤٣ مساهم من القرى الأربعة ومن كافة المختصين والأكاديميين واستثمرت الكثير من الأموال في بناء جدوى اقتصادية للمشروع وجلب كل الأبحاث المتعلقة بجوانب المشروع الصحية والبيئية والزراعية. وبالفعل الشركة عملت أربع سنوات حتى العام ٢٠١٤ ونجحت في منع الشركات الاسرائيلية من الدخول وأخذ ثروة الرياح في أراضي الجولانيين
لكن نتيجة عمل ودراسات وابحاث جدية ومكثفة قامت بها الشركة المحلية ،اشارت الشركة وبكل وضوح الى الأضرار السلبية الواضحة على الصحة والمزروعات والبيئة. وقررت بناءا على النتائج التي توصلت اليها إقفال الشركة المحلية وتنبيه وتحذيرالمزارعين والأهالي لخطورة إقامة المراوح بين بساتين التفاح والكرز وبالقرب من بيوت السكن والبيوت المنتشرة في البساتين والتي يستعملها المزارعين اغلب أوقات السنة.
وايضا ومن جهة سلطات الاحتلال ايضا تم رفض مشروع الشركة المحلية وعدم السماح بإقامته من قبل المؤسسة الأمنية والجيش بحجج أمنية.
لكن بذات السنة التي اغلقت فيها الشركة المحلية ٢.١٤ تم إصدار تصريح للشركة الاسرائيلية ( انيرجكس) من ذات الجهة الأمنية التي منعت الشركة المحلية. والسماح لها بالدخول في أراضي الجولانيين لإقامة المشروع.
وبالفعل نجحت الشركة بالدخول بمساعدة بعض السماسرة والمنتفعين المرتشين واقناع بضع عشرات من الفلاحين والبسطاء بالتوقيع على عقد لإقامة المراوح على ارضهم. مستعملة أسلوب الرشوة والأغراء ومخادعة الفلاحين وإيهامهم بان ليس للمشروع اي اخطار او سلبيات على صحتهم ومزروعاتهم.
كل المهتمين والنشطاء ورؤساء جمعيات المياه تصدوا لهذه اللعبة القذرة من قبل سلطة الاحتلال وشركتها (انرجكس) والمتواطئين معها. ودعوا لاجتماعات بين المزارعين كلّ في جمعيته وموقعة واتخذ القرار الجماعي برفض المشروع.
وبدأت ومنذ قرابة العام حملة شعبية جولانية منظمة لصد ومنع الشركة من الاستمرار والنجاح بإقامة المشروع. وبالفعل تشكل رأي عام جامع وشامل لرفض المشروع وتراجع الغالبية العظمى من الموقعين مع الشركة بعدما تبين لهم حقيقة الأخطار المحدقة بهم
الشركة مؤخرا لم تتأخر في الترهيب والتهديد بغرامات مالية بالملايين لكل من يناهضها او يتراجع عن التعاقد معها. وتستعمل الداعمين لها من مؤسسات دولة الاحتلال لتمرير المشروع في اروقة الجهات ذات الصلة في دولة اسرائيل. ليكون مشروع سيادي قومي للدولة وبالتالي يمكنها من تنفيذه بسلطة القانون وبقوة الأجهزة الأمنية. ويمكنها من نهب ثروة ومقدرات السكان المحليين وإعطائهم الفتات من عائدات المشروع الضخمة. فضلا عن إعاقة والحد من التوسع العمراني للقرى وحصرهم في مساحات ضيقة. وفضلا عن هدم السلم الأهلي الاجتماعي وتقسيم الناس بين مستفيد وغير مستفيد ومتضرر وبالتالي دب الخلاف بينهم.
وفضلا عن تغيير المنظر العام وتحويل الطبيعة الجميلة للجولان الى اجسام عملاقة قبيحة تغير من جمالية وجغرافية الجولان.
ومعركة الجولانيين ضد هذا المشروع مستمر ومتواصل. ولن تثنيهم عن صد هذه المؤامرة كل انواع التهديدات والضغوط. فأبناء الجولان مدركون بأن معركتهم اليوم ضد مشروع المراوح هو لحماية أرزاقهم وصحتهم وصحة اولادهم والأجيال القادمة. وهي معركة على بقائهم ومستقبلهم..