(من ذاكرة المعتقل .. مقتطفات من نصوص غير منشورة -وغير معدلة-(ضمن مشروع توثيقي عن الحركة الاسيرة في المعتقل الاسرائيلي…)
ايمن أبو جبل
فيليتسيا لانغر …. لروحك السلام
لروح المحامية التقدمية فيليتسيا لانغر ....
22-06-2018
لكن حضرة القاضي الا تعتقد ان احكامك اليوم ضد هؤلاء الفتية سيولد احقادا جديدة علينا، هم ولدوا تحت الاحتلال ولم يردعهم جبروته وقسوته، ماذا يخبئ لنا ولهم المستقبل ولأولادنا بعد ؟؟؟… وشكرا لك ..
في التاسع عشر من أيار عام 1986 تم جلبنا من عدة سجون الى معتقل الرملة، للمثول امام هيئة المحكمة العسكرية في مدينة اللد، حيث تم تحديد موعد العشرين من أيار جلسة للنطق بالحكم …حيث كنا موزعين على عدة سجون . بشر المقت سجن عسقلان ايمن ابو جبل وصدقي المقت ،عصام ابو زيد وزياد ابو جبل في سجن الرملة ، خير الدين توفيق الحلبي في بئر السبع . عبد اللطيف الشاعر في سجن الدامون. وهايل حسين ابو زيد -17 عاما في مركز الاحداث في طبريا . سيطان الولي وعاصم الولي في سجن الجلمة
في اليوم التالي تم جلبنا تحت حراسة مشددة من قبل افراد القوة الخاصة ” نحشون” التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية وامتثلنا امام الهيئة القضائية العسكرية التي كانت مكونة ثلاثة ضباط عسكريين برئاسة القاضي العسكري الجنرال ميشنه اهرون، وهو ذات القاضي العسكري الذي اصدر احكاما قاسية على اسرى ومعتقلي الجولان من الرعيل الأول في مدينة القنيطرة .
قبل جلسة النطق بالحكم ، في اخر لقاء جمعنا في شهر نيسان اتفقنا على ان ننشد النشيد العربي السوري داخل قاعة المحكمة، بحكم التواجد الاعلامي الإسرائيلي، ومندوبي الصليب الاحمر الدولي. قبل دخولنا قاعة المحكمة سالتنا الشرطة العسكرية ان كنا سنقف لهيئة المحكمة هذه المرة ام لا . فلم نعطها جواباً واضحا الا اننا طلبنا الدخول كما يضمن القانون الى المحكمة لحضور محاكمتنا .
كان الاهالي والمندوب الدولي للصليب الاحمر ومحامو الدفاع والصحافة الاسرائيلية متواجدين داخل قاعة المحكمة، وكنا على اهبة الاستعداد لمواجهة القرارات التي ستصدر بحقنا ، دخل القضاة العسكريون الثلاثة وعيون كل المتواجدين في القاعة تتجهة نحونا، ونحن نتطلع بثقة وفرح الى اهالينا وعيونهم تبعث حبا ودفئاً، لم نقف ايضا هذه المرة وامر القاضي قبل خروجه غاضبا، بإخراجنا من قاعة المحكمة،منشدين النشيد السوري.. فيما محامو الدفاع قدموا احتجاجاً على تصرف القضاة، بحقنا وانه يجب ان نتواجد اثناء اصدار قرار الحكم ، لكن القاضي لم يصغي لهم وخرج .
دخلنا عرفة الانتظار وافراد الشرطة العسكرية تتوعدنا وتهددنا ونحن غير أبهين، وابلغونا بعد عدة دقائق باننا سندخل الى قاعة المحكمة بشكل فردي ، ونادوا علي اسمي واسم رفيقي سيطان الولي وصدقي المقت بداية..
لم يسمحوا لنا بالجلوس، كان القانون يحتم ان يستمع كل متهم الى الحكم الصادر ضده امامه ولتجنب معركة الوقوف للقاضي سحبونا كل على حدة وأوقفونا امام القاضي العسكري لنستمع الى قرار الحكم….
اسمك قالها القاضي غاضباً اجبت فورا بالاسم الرباعي وارفقت عبارة من الجولان السوري المحتل .
نظر الي نظرات اشمئزاز وقال جاوب فقط على قدر السؤال.
انت تعترف بالتهم المنسوبة اليك
اوافق على ما يقوله محامو الدفاع عني فانا وكلتهم.
هل ترغب بقول أي اشياء للمحكمة.
نعم . وقبل ان أتكلم، علا ضجيج في قاعة المحكمة من جهة باب القاعة، ودخلت منها امرأة اعتقد انني شاهدتها من قبل وفورا قالت للقاضي: حضرة القاضي انا المحامية فيليتسيا لانغر تذكرني بالطبع، بالامس حاكمت اباء اولئك الشباب وكانوا صغار واليوم وقد كبروا على كره الاحتلال وكره قوانينكم، وكره ممارساتكم .. واليوم تحاكمهم بشكل جائر ، كما حاكمت أباؤهم ،لنفس الأسباب ولذات التهم انت نفسك تصدر هذه الاحكام الجائرة بحقهم.. اليس هذه غريبا بعض الشئ؟ جيل اخر هنا في هذه المحكمة يقاوم الاحتلال، الا تعتقد ان هناك امور غريبة تحدث مع دولة اسرائيل؟؟؟
اطلب من السيدة المحامية الجلوس واحترام المحكمة.
وردت فورا.. حسنا اطلب العذر لتحدثي بدون اذن المحكمة. لكن حضرة القاضي الا تعتقد ان احكامك اليوم ضد هؤلاء الفتية سيولد احقادا جديدة علينا، هم ولدوا تحت الاحتلال ولم يردعهم جبروته وقسوته، ماذا يخبئ لنا ولهم المستقبل ولأولادنا بعد ؟؟؟… وشكرا لك ..
هذه المحامية الجريئة الشجاعة اليهودية التقدمية فيليتسيا لانغر، كانت تأتي الى منزلنا ، و تسافر كثيرا مع والدي اثناء دفاعها عن معتقلي الجولان في السبعينيات.. الان تذكرتها أنك حقا شجاعة ايتها الحرة.
العزاء لكل المعتقلين الذين ترافعت عنهم، ولذوي المعتقلين السورين والفلسطينين
(من ذاكرة المعتقل .. مقتطفات من نصوص غير منشورة -وغير معدلة-(ضمن مشروع توثيقي عن الحركة الاسيرة في المعتقل الاسرائيلي…)