في ذكرى وفاة الشيخ سليمان صالح الحلبي
عشتار نيوز للإعلام/ شخصيات جولانية/ من الذاكرة الجولانية/
ايمن ابو جبل
سؤال يتردد الى الاذهان، لماذا نستحضر تلك الوجوه والشخصيات، بعد رحيلهم، أليس من المفترض الالتفات اليهم وهم احياء، أليس اجمل وافضل ان كانوا يتحدثون الينا، بدل ان نتحدث عنهم، بصيغة الغائب والماضي. وهم شخصيات تركت بصمات جميلة ومؤثرة في ذاكرتنا وحياتنا، تستحق ان تبقى حكاية او قصة او تجربة تستفيد منها الأجيال…
هي شخصيات عاشت وماتت، ولم يأتي على ذكرها أحد، ونحن نعلم وندرك قيمتها وقدرها وحجمها، حين كانت بيننا قبل رحيلها الا تستحق ان تبقى؟؟؟
اما لماذا لا نكتب عنها، فلان عزتها وكرامتها وتواضعها، تأبى ان تتحدث عن ذاتها، فمن خلال تجربتي مع العشرات وربما المئات من الشخصيات في مختلف قرى الجولان المحتل، رفض معظمها التحدث او الحديث عن نفسها، او ، ونقل تجربتها، او تسجيل لقاءات شخصية معها .. فرحلت ومعها كل تلك الأشياء الصغيرة والجميلة التي بقيت معلقة في ذاكرة الاخرين ممن عايشها ….
في ثقافتنا التي تتسم بطابعها الحزين، فان ذاكرتنا هي الأخرى حين ننبشها يتجلى فيها الحزن والاسى ايضاً ، لكن في النهاية الناس الطيبون يرحلون ويبقى اثرهم.. نراه، ونتذكرهم حتى بعد رحيلهم فيصبحون ذكرى….
الشيخ أبو جهاد سليمان الحلبي ،من بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، هو احد الرجال الأشداء الذين تركوا بصمات مضيئة على السجل النضالي والكفاحي الوطني لأبناء الجولان السوري المحتل في مواجهة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في المعارك الميدانية التي جرت أثناء الانتفاضة الشعبية لمقاومة مخطط ضم الجولان إلى الدولة العبرية وفرض الجنسية الإسرائيلية على أبناءه في بداية سنوات الثمانينيات، حيث يشهد للشيخ المرحوم شجاعته وبسالته في تلك المواجهات التي واجه خلالها مواطنو الجولان الجنود الإسرائيليين وهم عُزل عدا عن سلاح إرادتهم ووعيهم الوطني المتوارث جيلا بعد جيل…توفي في 31-03-2011 عن عمر ناهز ال77 عاما بعد صراع طويل مع مرض عضال .
الصلاة على روح الشهيدة غالية فرحات
كان الراحل لسنوات طويلة امام الصلاة على الجنازة في قرى الجولان، واكتسب احترام وثقة الناس من خلال عمله كمزراع وناشط ومهتم في الأمور الاجتماعية والوطنية، فكان ان وجد في مجلس ما وُجدت معه مظاهر الحماس والنشاط .
يذكر عن الفقيد انه قام بكتابة اسم الشهيد يوسف عماشة على باب منزله في الطابق الارضي، مطالبا المجتمع ولجنة الوقف وكل الفاعلين من افراد ومؤسسات بتبني تسمية الشارع على اسم الشهيد الذي سقط شهيدا اثناء دفاعه عن مجدل شمس في احداث الثورة السورية ضد المستعمر الفرنسي .وسقوط مجدل شمس. حيث طلب من القائد اسعد كنج ابو صالح ان يرحل مع الثوار قبل اقتحام الفرنسيين للبلدة، فيما يبقى هو المجاهد والشيخ التسعيني يناوش الفرنسيين.. . واستلم منه 17 رصاصة لبندقيته، الرصاصات التي تقاسمها معه .. فكانت كل رصاصة بقتيل فرنسي حيث تجمعت القوات الفرنسية في البيادر(الملعب البلدي اليوم) تمهيدا لحرق مجدل شمس بعد خروح الثوار منها… وقنص برصاصاته 17 جنديا فرنسيا ، حتى استطاعوا مداهمة البيت وفتح ثغرة في سقف المنزل ورمي القنبل الى داخله حتى استشهد .. هذا البيت ذاته الذي تسكن فيه عائلة الفقيد المرحوم أبو جهاد سليمان الحلبي لغاية اليوم . ودفن بمحاذاة المكان الذي استشهد فيه….
في هذا السياق انقل مقتطفات من شهادة السيد أبو ناصر هايل نعمان أبو جبل التي قدمها لمراسل صحيفة الاتحاد الحيفاوية وهي محفوظة بأرشيف مركز الجولان للإعلام والنشر ضمن مواد وملفات الأرشيف ..”
ابو ناصر يصف لمراسل صحيفة الاتحاد عن احداث الاول من نيسان عام 1982:”
كان هناك العشرات من ابناء البلدة معتقلين.في المدرسة امامنا، من بيتنا نستطيع رؤية ما يحدث هناك، كانوا يجبرون المعتقلين من الشباب والشيوخ على الجلوس ” مقرفصين” وأياديهم مربوطة إلى الخلف، واحاطوهم بأسلاك شائكة،
لا ادري كيف هجمت من بيتي، اطلب مساعدة آهل الحارة، حين بدأ الجنود بضرب المعتقلين دون اي رحمة بالعصي والركلات وهم مقيدون،. في الطابق العلوي من منزلنا، اختبأ عدد من الشباب من الحارة الشرقية منهم اخوتنا الغوالي غسان الكحلوني والاخ الصديق عادل الحلبي واولادي واولاد عمومتي ..وكان هناك شباب اخرون أيضا..
تأثرت من مشاهدة ابني وباقي المعتقلين يتعرضون للضرب. فهجمت من بيتي، غير مهتم للجنود المتواجدين على أسطح المنازل في الحارة وبلمح البرق، انضم الشباب والشيوخ وكل من يستطيع، من ابناء الحارة، ووصلنا الى البيادر. حيث كان هناك مئات من الجنود وسيارات الجيش الاسرائيلية.
كان الجميع من ابناء الحارة الذين هاجموا يحملون العصي وسلاسل حديد، وهجمنا على المدرسة هناك، بعضنا حمل المجارف في الوقت الذي كنا ندب النخوة والحماس، اشتبكنا مع الجنود الذين أطلقوا النار في الهواء واحتشدوا أمامنا، لم نتفرق بل واصلنا الهجوم، جارنا الشيخ أبو جهاد سليمان الحلبي وهو رجل مغوار وشجاع هجم من منزله يدب الفزعة والنخوة بأبناء الحارة، وكان صوته يرعب الجنود ،و سلاسل الزرد التي حمله جعلتهم يهربون من امامه، ا وبدأ بضرب الجنود واصابتهم لم يتمكنوا من النيل منه استمرت المعركة بعض الوقت لم نستطع الوصول الى المعتقلين وحاصرونا، بقيت انا وأبو جهاد وعدد من الشباب نتعارك معهم حتى بيت أبو فخري سليمان المقت …
حيث كان أمير دروري قائد منطقة الشمال في جيش الاحتلال بنفسه هناك. استطاعوا اعتقال عدد من المهاجمين، واصابة عدد من المواطنين الذين شاركوا بالهجوم على المدرسة.”
وعن الفقيد المرحوم كتب الصحفي والناشط سميح ايوب
هناك العديد من رجال المواقف بجولاننا الحبيب.فلكل انسان موقف واعديد من حكايات البطولة التي امتاز بها الاهالي عندما تساوت الحياة مع الموت.ففضلوا الموت على ان تهان كرامتهم وتهان اجيالهم القادمة.فالحياة وقفة عز من اجل وطن وارض وعرض.
اما بالنسبة للفقيد ابا جهاد الذي عرفناه عن قرب بمواقفه الوطنية والتي تجلت بقصص عرفت عنه تمثل اخلاقه الوطنية .احداها بانه كان الامام الوحيد بالقرية وربما بالجولان.وعندما عرض عليه معاش شهري رفض ذلك معللا ..اذا وافقت استلام اي معاش فذلك يعني انني موظف دولة وعلي صلاة اي جنازة حتى اذا كان صاحبها يحمل الجنسية الاسرائيلية وهذا مرفوض بالنسبة لي ويمس بكرامتي الوطنية والشخصية.
والحادثة الاخرى فقد صلى الشهيدة غالية فرحات واقفا خلف العلم السوري دون ان يهاب ما ينص عليه قانون الاحتلال بذلك الوقت مع تحمل المسؤولية.وايضا خرج عن نص الصلوية ليضيف اليها جملة تقول امامكم جنازة شهيدة من اهل التوحيد قتلت برصاص العدو الصهيوني الغاشم.
هذا جزء من مواقفه الوطنية ااكثيرة .الرحمة للفقيد وطول العمر لخلفه.الذين يحب لهم التفاخر بسلفهم كما الجولان باكمله.
في عزاء ابو جهاد سليمان الحلبي:
الأستاذ والباحث ابن الجولان في دمشق حامد الحلبي كتب في عزاءه :
عميق الحزن ينبض في فؤادي أسفا عليك يا أبا جهاد صادق اللفظ، حافظ الأخوَة طاهر السيرة، للإخوان هادي شجاعةُ ، و ايمان في شموخ صخرة صماء في وجه الأعادي سيبقى ذكرك الزاكي بقلبي مع النسمات تسري في بلادي – بكل الأسى والأسف، تلقينا خبر وفاة الأخ المرحوم ابو جهاد … نعزي انفسنا ونعزيكم، وخاصة السيدة زوجته وأولاده : جهاد ، صالح ويقظان ، وبناته واخواته، وعموم الأهل والأقارب والأصدقاء. يشاركني التعازي، زوجتي وأولادي، وأختي ام فارس نجية و زوجها أبو فارس غالب منذر وأولادهما، واللأخ ابو سليم محمد رومية في عرنة وزوجته و أولاده. تغمد الله فقيدنا برحمته و رضوانه … وإنا لله وإنا اليه راجعون. … الآسف – حامد الحلبي
ابن الجولان د جمال نمر الولي كتب معزياً من غربته :
الى رحمتة الواسعه يا شيخ ابو جهاد والى جنة الخلد فيها باقون نتذكرك ونتذكر افضالك يا جار الرضا انت والمرحومة خالتي ام جهاد اتقدم لكل اهل الجولان وللعائلة الكريمة ال الحلبي والى اولاد المرحوم جميعا باحر التعازي بالجار الكريم الوفي والشجاع والطيب وانا لله وانا اليه راجعون
الشاعر نواف الحلبي من بلدة مجدل شمس كتب في عزاءه:
ولا يُنبيكَ عن خُلق الليالي كَمَنْ فقدَ الأحبةَ والصحابا… رحمك الله يا عم أبا جهاد وأسكنك فسيح جناته… سيفتقدك الجميع كونك كنت ركيزة فعالة في هذا المجتمع المناضل.. بل كنت رأس حربة في المواقف الوطنية الجولانية.. فآلاف الرحمات تنزل على روحك الطاهرة فأنت حقاً أب الجهاد والنضال.. وعوضنا الله بسلامتكم جميعاً!
تعليق واحد
تعقيبات: شهر اذار في الذاكرة الجولانية | عشتار نيوز للاعلام والسياحة