الأربعاء , سبتمبر 27 2023
f051f5071199d65272fdeb2fb84b5e6f

ملعون من يحرك عظامي..

ملعون من يحرك عظامي..

تقرير : أيمن أبو جبل

من الارشيف /حزيران/2006

 

لم تشهد قرية الرمثانية منذ احتلالها في حزيران عام 1967 هذا العدد من الزوار، ولم يكن بيت “مختار الضيعة” مخصصا لاستقبال مثل هذا العدد اصلا. ولم تكن الرمثانية وشوارعها الترابية،ـ ولا منازلها الحجارية ولا حدائقها، ولا أيضا ساحة العين تتوقع ان تحظى بهذه الزيارة الهادئة والصامتة التي حملت نسائم وروائح من ذاكرة فلسطين المنكوبة ، ودموع وأحزان بعض الضيوف من مصر والسودان وهولندا وإسرائيل..

يوم أمس كان الصمت والتأمل سيد المكان والزمان، وحدها أغصان أشجار التوت والرمان والجوز تدلت لتكرم وتحي الضيوف الزائرين،إكراما لمبادرتهم في إعادة الحياة واستحضار ضيعة الرمثانية التي ثكلها الجولان ومعه سوريا بأكملها قبل تسعة وثلاثين عاما.

في الطريق من مجدل شمس إلى قرية الرمثانية المدمرة التي تبلغ مسافة خمس واربعين دقيقة من العمر الزمني، لا تستطيع إن تتجاهل دمار المكان على جانبي الطريق، هنا يقول” سلمان فخرالدين ” مرشدنا في تاريخ الجولان السياسي من المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان” كان مركز الإدارة المدنية الجديدة لمحافظة القنيطرة، التي اعتقد الإسرائيليون أثناء الحرب إنها كانت مقر للقيادة العسكرية السورية، وعلى اليمين من الطريق كانت مديرية الزراعة والى جانبها من الجنوب كان المستشفى، جميع البيوت والمنازل التي كانت مخصصة للجيش والجنود والضباط بقيت كما هي لم يلحقها الدمار، لان الإسرائيليين أرادوا إيهام العالم إن الجولان بأكمله كان عبارة عن مواقع وتحصينات ودفاعات وقواعد هجوم عسكرية سورية تعمل ضد السكان المدنيين في شمال إسرائيل، وهي لم تكن مأهولة بالسكان المدنيين يوما كما ندعي او يدعي السوريين”.

تتقدم بنا السيارة إلى ما تبقى من مدينة القنيطرة أمامنا مباشرة دمرت إسرائيل قبل ثلاثة أشهر فقط بعض المنازل الإسمنتية، وأقامت مكانها مزرعة ورود جديدة لتصدير الورد الجولاني خصصت زراعتها من اجل احتفالات أعياد الميلاد في مختلف إنحاء أوربا،والسبب في زراعته هنا في الجولان يعود إلى طبيعة المناخ البارد في الجولان، وعلى شمالها تقع مقبرة الطائفة المسيحية التي يطلق عليها الإسرائيليون اليوم ” بستان المقبرة “، وفي هذا المدفن يرقد شهيد من أبناء المدينة استشهد في معركة “عين غيف ” بالقرب من طبريا عام 1953 .

من الجانب الأيسر أيضا كانت تقع قرى ” بريقة ، وبير عجم” وفي تل بير العجم الذي تنتشر فوقه عشرة مراوح هوائية كبيرة الحجم لإنتاج الطاقة الكهربائية بقيمة 2 ميغاواط ، حيث تبدأ بالدوران في سرعة 16 م /س وتتوقف بسرعة 70م/س، وهنا في هذا المكان تنمو نبته صفراء نادرة جدا ، موصوفة بجمالها ورونقها ورائحتها العذبة، فهي تزهر في الخريف وتسمى بــ ” نبتة اللاحلاح”

نتقدم في طريقنا إلى قرية الجويزة التي تحتضن رفات الأديب والمفكر السوري أديب باغ المتوفى في العام 1964، وأديب باغ هو صاحب رسالة الدكتوراة عن جغرافية الجولان لجامعة السوربون ، وفيها اقامت اسرائيل ( اغزر بئر مياه ارتوازي في الجولان كله)، و يطل على مستعمرة” الوني هابيشان” ومنه تنتج مستوطنات إسرائيل في الجولان المحتل ما يعرف بـ” ماء عدن” مي عيدن . وفي محيط القرية تنتشر كروم العنب المشهورة، التي زرعت بأكملها بالألغام الارضية المتفجرة، في محاذاة تل الفرس .

قبل ان ندخل بلدة الخشنية التي كانت مركز ناحية في محافظة القنيطرة، نتوقف قليلا على الخط الذي يعتبر جغرافيا وسط الجولان تماما، هنا يمر خط أنبوب النفط ” خط التابلاين ” الذي بسببه دفعت سوريا ثمنا غاليا في ثلاثة انقلابات عسكرية متتالية منذ عهد حسني الزعيم وحتى الشيشكلي من اجل تمرير أنبوب النفط لشركة التابلاين الامريكية من السعودية الى الزهران في لبنان مرورا في منطقة الجولان. وصودرت الحياة النيابية والديمقراطية في سوريا بسبب تلك الانقلابات العسكرية التي كان من ورائها وكالة المخابرات الأمريكية المركزية .

قبل أشهر قليلة هدم الإسرائيليون بناء على طلب من مجلس المستوطنات في الجولان بيوتا ومنازل جديدة في قرية الخشنية بهدف توفير وإعداد مساحات كبيرة من الأراضي لإقامة اكبر مركز لإنتاج العسل في الجولان .

انتهت المرحلة الأولى بعد اللقاء الأول في مفرق قرية اليهودية ” او اليعربية” ، لنترجل من الباصات سيرا على الأقدام باتجاه قرية الرمثانية، الطريق الترابي وعرة جدا منعت الباصات من التقدم، فحمل الجميع زاده من المياه وبدأنا في السير نحو القرية التي من المقرر ان تكون المرحلة الثانية من برنامج ” مأساة لم ترة بعد ”

عيسى دابيط 68 عاما من مدينة الرملة، التجأ الى المدينة خلال النكبة مع عائلته بعد ان تعرض منزل ذويه الى القصف في يافا قال أثناء سيرنا “لا استطيع ان أتمالك أعصابي وأنا أرى هذا الدمار وهذا المكان ، كيف استطاعوا نقل جريمتهم الى الجولان ، الى هذا الجنة الخضراء” أنـا حزين ومقهور ومستاء جدا رغم مرور أربعين عاما على هذه البقايا والآثار ، حتى الأشواك هنا خضراء. أتعلم لماذا ؟ لان هذه الأرض الطيبة ستبقى خضراء بأصالتها وعمق انتماء أهلها ، سأكون سعيدا حين أرى أهل هذه البلدة يعودون ثانية لأعمارها”

اسماعيل سلامة فتى لم يبلغ الخامسة عشر من عمره من مدينة الرملة أيضا يقول” أهلي سكان قرية ” زكريا ” التي دمرتها إسرائيل عام 1948، لا اعرف شيئا عن بلدتي الأصلية لكن جدي وجدتي ما زالو يحدثوننا عنها ، وحين يستذكرون” ايام البلاد” فان دموعهم لا تتوقف، لم يسعدوا يوما في حياتهم،اليوم جئت إلى الجولان وأنا لا اعرف شيئا عن الجولان، لكنني وفاءً لجدي وأهلي قررت المشاركة في التعرف على الجولان وعلى نكبته، لأول مرة أشاهد هذا الدمار ، وانا سعيد لاشتراكي معكم في هذه الجولة الحزينة”.

اما محمد كيال من قرية ” البروة ” المهجرة يسكن اليوم في الجّدّيّدّة وهو ناشط في جمعية حقوق المهجرين الفلسطينيين، هدفي من زيارة الجولان هو التعرف على الجولان في ذكرى احتلاله التاسعة والثلاثين، لم أكن من قبل في قرى الجولان المدمرة لكنني أشارك أهلنا في الجولان مختلف مناسباتهم الوطنية والسياسية، أما عن جولة اليوم في القرى السورية المدمرة فهذا جزء من الاهتمام السياسي، والاحتلال لا يتجزأ فهو سيان في الجولان السوري وفلسطين العربية، يجب على هذا الجيل أن يعرف ويتعرف على ماضيه وتاريخه وحضارته، يجب علينا أن نصون أمانة أولئك الأبرياء الذين اجبروا تحت تهديد القتل والموت والإرهاب على الرحيل من بيوتهم وترك كل شئ ورائهم ، لتبقى أرضهم وارض اجدادهم لقمة سائغة أمام المستوطنين في الجولان وفلسطين، ما أراه أمامي هنا في الجولان السورية من تفاصيل المجزرة والجريمة الإنسانية مذهل ومؤلم.

“جدعون” 80 عاما ترافقه زوجته من تل ابيب يقول: بعد أن سألته عن سبب وجوده في الجولة ” أنا يساري، أؤمن بحل إسرائيلي فلسطيني يضمن السلام العادل للشعبين، أنا من أنصار دولتين لشعبين، أشارك في مختلف النشاطات في اسرائيل التي تدعم السلام وحقوق الشعب الفلسطيني ووقف المجزرة اليومية التي تقوم بها حكومتنا ، وأشارك في فعاليات عالمية لفضح انتهاكات الاحتلال ضد الشعب العربي، هذه هي زيارتي الأولى للجولان، وارى بألم ما فعلت حكومتنا بهذا الشعب ، وماذا زرعت من خراب ودمار، كيف يمكن أن يكون أصحاب هذه البيوت مصدر تهديد لأمن إسرائيل، ما أراه هنا بيوت ومنازل لأناس بسطاء،كيف استطاعوا ترحيلهم عن أراضيهم وارض أبائهم. لا اعرف سوى، انه يجب علينا نشر أفكارنا ورسالتنا بضرورة وقف الاحتلال وإعادة الحق إلى أصحابه، وإعادة هؤلاء الناس إلى بيوتهم من جديد،هم لم يتركوا بيوتهم طواعية وإنما اجبروا على ذلك، لهذا علينا أن نشرح للناس في إسرائيل والعالم عن الذي فعلوه بالجولان السوري، أنا خجول جدا منكم وحزين جدا لهذا علينا أن نتعاون أكثر من اجل أن تتحمل إسرائيل مسؤولية جرائمها وتعيد إلى الشعب كل حقوقه، رغم إنني لست متفائلا من ذلك لأنه إذا حصل سلام فماذا سيحل بهذا الجيش الضخم الموجود في إسرائيل، أنهم لا يسعون إلى السلام بسبب معارضة الجيش ذلك، أتمنى فعلا أن يعود الجولان إلى السيادة السورية، وتعود الحياة من جديد إلى أرضكم الرائعة التي تستقبلنا اليوم بكل حب ومودة ، لا اعرف ماذا سيقول سكان هذه المنازل إن علموا إننا جئنا إلى بيوتهم في غيابهم، لكننا جئنا لكي نسرع في عودتهم ثانية “

 

داني من مدينة هرتسيليا، كان ضابطا في الجيش الاسرائيلي اثناء احتلال الجولان في العام 1967، أثناء سيرنا باتجاه قرية الرمثانية سمعته يشرح الى صديقته عن هذا المكان وذاك التل، سألته؟ هل تعرف هذا المكان ، اجاب بثقة ” نعم ولي ذكريات اليمة هنا،  قلت له كيف ، قال” انا كنت ضمن القوات الإسرائيلية التي أوكلت لها مهمة الحراسة في القرية، لمنع المتسللين من العودة، في احدى الليالي الدافئة خيم صمت غريب على المكان، كانت رائحة البنزين والعجلات  لاتزال تغطي كل المكان وعواء الكلاب ولربما ذئاب، في الليل اثناء مناوبتي مع زملائي سمعنا صوت بكاء ، اعتقدنا انه يعود لقطة او حيوان ما، الى ان البكاء  المتواصل الذي وصل الينا كان  اشبه ببكاء طفل، لم نستطع ألا ان نتحرك بحثا عن مصدر البكاء، ووصلنا الى بيت لا تزال الأبقار مربوطه في الباحة وبعض الدجاجات، دخلنا الى اللبيت  والاضواء  ترشدنا الى تفاصيل البيت، ولهول المفاجأة رأينا طفلا موضوعا في السرير تركه ذويه  في ذروة الخوف لربما نسوه من شدة الرعب الذي احدثه دوي القذائف والحرائق  حول القرية، حملت الطفل واتصلنا بالمسؤولين في الجيش، واخبرونا ان نثبقي الطفل معنا حتى الصباح هناك  شاححنة تصل مفترق الخشنية بالقرب من المسجد، علينا ان نترك الطفل مع احدى العائلات  داخلها،  طيلة ساعات الليل حاولنا اسكات الطفل كان لا يتجاوز الثلاث سنوات تقريباً، لم يكن لدينا اي طعام للأطفال عدا عن علب اللحم والماء وبعع قطع الخبر، بللنا فمه بالخبر والماء حتى يسكت ، كان جائعاً، ونام أخيرا حتى الصباح. حملته واتجهت به الى الخشنية القريبة، وبالفعل تركته مع احدى النسوة التي لااعرف من هي ومن تكون والى اين يتجهون، وغادرت الشاحنة وعدت الى فرقتي. بعد ثل خمس وعشرين عاما او اكثر، تركت خلالها الجيش وعدت للحياة المدنية، وعملت في احدى الشركات التي لها اعمال في فرنسا. في احدى المؤتمرات كنت مشاركا  الى جانب وفود من دول خليجية وعربية وإسلامية، أثناء إلقاء  مندوب شركتنا لكلمته  تفاجئت بخروج  عدد من العرب المشاركين وكان من بينهم مندوب لاحدى الشركات السورية، مر من امامي، لا اعرف لماذا استذكرت ما حدث معي هنا في هذه القرية،  تأملته  كثيراً وخرجت الى المقهى المخصص للضيوف، كان جالساً  على إحدى الطالاوت شابا انيقاً ومرتباً، طلبت منه  عبر احد الأصدقاء الفرنسيين الجلوس، لم يشرح له إنني اسرائيلي، جلست انا وصديقي الى طاولته وسألته  لماذا غادر القاعة، قال  رغم أهمية المؤتمر الا انه لا يستيطع الجلوس اثناء كلمة المندوب الاسرائيلي،  وسالته لماذا، قال له تجربة قاسية وأليمة معهم ليست سياسية فقط وانما شخصية، فورا عادت أحداث ذاك الطفل إلى مخيلتي، وطلبت منه ان يشرح لي كيف شخصية وهو لا  يقيم اي علاقة مع الاسرائيلين ، وبدأ  بقص حكايته التي بدات بالحقيقة معي انا شخصيا الجالس امامه دون ان يدري… بعد أربعة عشر عاما من الحرب التقى بوالده وإخوته بعد أن ماتت والدته دون أن يراها. حين انتهى من رواية قصته، كانت الدموع تنهمر من عيني الامر الذي فاجأه وفاجأ صديقي الفرنسي، قال لي لماذا الدموع في عينك، قلت له انا اعرفك  انت من بلد اسمها الرمثانية في الجولان، وقف مذهولا قال ما ادراك؟ قلت له انا ذاك الجندي الإسرائيلي الذي أنقذه وسلمه إلى إحدى السوريات المغادرات شرقا في شاحنة  للنازحين.. لم يصدق ما أقول له في البداية وبدا الأمر بالنسبة إليه كانه كذبة، يصعب تصديقها، طلبت منه ان يجلس  ليسمع روايتي لقصته، وبدا كئيبا غاضبا حزينا، وكذلك الأمر بالنسبة لي، انه قصه تصلح ان تكون خيالية، بالنسبة لي بعد ان انهيت الخدمة كنت اتساءل عن سبب الحرب وسبب العداوة بين العرب واليهود، وما حصل معي في مع هذا الشاب السوري الرائع اثبت لي ان سياسة القادة والحكام في تل ابيب ودمشق والعواصم العربية مجرمون ، هم المجرمون  وهم الذين يتلاعبون بنا، نحن بشر يحق لنا ان نعيش بسلام وامان وهدوء.. صديقي السوري ذاك كان يمكن ان يكون ابنا لي وليس عدوا لي، لا استطيع ان اقول لك اسمه او عنوانه لانني وعدته ان ابقي الامر سرا بيننا حتى تحين الفرصة لكشف القصة امام العالم كله،  كلما يكون خارج سوريا يرسل لي برقية رأيته منذ ذلك الحين مرتين فقط في بروكسل واتمنى ان اراه في دمشق او في تل ابيب.. حين علمت بهذه الجولة لم اتردد للحظة في القدوم مع  زملائي وأصدقائي محبي السلام والتعايش..”

مؤسسي دولة إسرائيل أوهموا الجميع بانجازاتهم لكن هذا قبل أن يبدأ بعضهم ويعترف انه حصلت جرائم، اليوم أنا لا استطيع أن أتحمل ثمن أخطاءهم، ولن احمل إلى أبنائي أي ثمن من ثمن جرائمهم تلك في الجولان وفي داخل إسرائيل نفسها”

شموئيل 60 عاما وشالوم” سلام”كما رغب في التعريف عن نفسه 65 عاما يسكنان تل ابيب، ورغم صداقتهما إلا أن صوتهما قد علا أثناء نقاش فيما بينهما، انضممت إليهما بهدوء ونحن سائرين، شموئيل يجادل رفيقه بأسلوب هادئ وبسيط عن رؤيته للحل السوري الإسرائيلي في الجولان.” أنا أقول لك انه يجب إعادة اللاجئين السورين إلى قراهم ومنازلهم، مثلما هناك فلسطينيين مستعدين للسلام هناك أيضا سوريين ، ويجب أن تنسحب إسرائيل إلى أوضاع ما قبل عام 1967 تماما، وهذه المسالة يحلها الطرفين في المفاوضات ممنوع علينا أن نتدخل في سيادة سوريا ، ما تفعله في هذه المنطقة هذا شان سوريا وليس شاننا. أما شالوم فيرد عليه بصوت لا يخلو من الانزعاج،” أنت لا تقرأ كثيرا، أنا قرأت موسعات سياسية وعسكرية واعلم ما يفكر به القادة والزعماء لدي حلول للازمة بيننا وبين سوريا ” يجب أن نخير اللاجئين إما بالعودة أو التعويض عن ما أصابهم خلال كل تلك الفترة، هناك نصف مليون سوري مشرد من أرضه وخمسة عشر آلف فلسطيني كانوا يسكنون الجولان بعد تهجيرهم من ارضهم، اليوم عددهم حوالي ستون ألف، كيف سيعودون إلى هنا ، ألا تفهم إن هذا أمر مستحيل لا يوجد مكان يتسع للجميع هنا ، ولا توجد ميزانيات لسوريا من اجل بناء بيوتهم وزراعة أرضهم من جديد، القسم الأكبر منهم استقر هناك، يجب أن تعوضهم إسرائيل أو أمريكا أو حكومات العالم، وهنا يجب أن ُتبنى البيوت من جديد وتعاد القرى التي كانت قائمة بأموال النفط، ويجب ان تُبنى مشاريع ومصانع واماكن سياحة وفنادق مفتوحة امام الجميع العرب واليهود، بعد موافقة سوريا وإسرائيل بالطبع، بعد السلام تقرر إسرائيل إقامة مجلس المهاجرين ” لليهود والعرب” كل سنة تحدد نسبة المهاجرين بشكل متساوي من الشعبين ليس كل اليهود يريدون العودة إلى إسرائيل وليس كل العرب يريدون العودة إلى بلادهم الأصلية.

“اشنكوج “22 عاما سودانية الأصل تعيش في كندا” أنا عربية وحزنت كثيرا عندما شاهدت قرى عربية وارض عربية في مثل هذا الخراب ، نحن لم نعتاد في تاريخنا أن ُنبقى أرضنا خراب ، انها على الدوام كانت خضراء وجميلة،لم اعرف من قبل أنهم فعلوا ذلك للعرب في الجولان السوري، لا استطيع تحمل ذلك.

منى مصرية الأصل تعيش في هولندا، وتعمل متطوعة في مؤسسة الضمير الفلسطينية في رام الله، صدقا لم اسمع من قبل عن هذا التدمير، محزن جدا أن أرى روعة هذا البيت منقوصة بغياب سكانه، نحن الضيوف نستطيع دخول منزلهم أما هم فممنوع عليهم التفكير من الاقتراب منها”

فيفيان 23 عاما هذه القرية مميزة جدا اشعر في انتماء غريب إلى هذه الحجارة وهذه الأشجار،استشعر بتاريخ عريق ومجيد ما زالت رائحته تطغى على المكان، شعرت اليوم بامتداد غريب بين بلدي والجولان، الذي يجمعهما تاريخ واحد. عظيم لي أن أشارك في هذه الجولة وانقل تفاصيلها إلى كل أصدقائي وزميلاتي، وأتمنى أن نكررها مرة أخرى، ويا ليت أن تكون قريبا جدا حين يعود أصحاب هذه القرية إلى منازلهم.”

بوحبوط” من تل أبيب 70 عاما” نحن لدين الأمل والقناعة بالحوار والسلام العادل، ما ارتكب من جرائم في الماضي بحق السوريين والفلسطينيين يجب تعليمه في المدارس والجامعات، في إسرائيل الشعب لا يعرف الكثير عن تلك الجرائم ، لكننا اليوم سنكثف شرحنا ونتكلم ونحكي للجميع وندعوهم إلى المشاهدة بأم أعينهم، مخجل وعار علينا السكوت أو النسيان”

قبل أن نغادر القرية وتنتهي المرحلة الثانية من البرنامج أسرعت مركزة البرنامج من جمعية ذاكرات الآنسة” ندى متى” والآنسة “ياسمين ظاهر” والسيد” عمر” منسق الرحلة من تل أبيب، إلى حمل لافتة كتب عليها بالعربية والانكليزية” الرمثانية ” وعلقت على مدخل القرية،في طقوس احتفالية، لإبراز المكان والتاريخ والجغرافيا السورية المدمرة في الجولان. وتوجه الجميع سيرا على الأقدام إلى مسجد قرية الخشنية الذي حوله الجيش الإسرائيلي إلى موقع للتدريب والتخريب، حيث اختار الجميع افتراش الأرض بأجسادهم وفتح حقائبهم لتناول بعض الطعام والشراب قبل بدء طقوس حمل اللافتة وتعليقها على مدخل المسجد الكبير وأيضا كتب عليها باللغة العربية والانكليزية ” قرية الخشنية “.

انتهت المرحلة الثانية واعتلى الجميع الباصات متوجهين إلى مدينة القنيطرة، على جانبي الطريق مظاهر الاحتلال واضحة من حقول الألغام التي تغطي مساحات واسعة من تلك الأراضي التي كانت يوما حقولا لزراعة القمح والعدس ورعاية الخيل والمواشي، وملاجئ عسكرية بنيت جدرانها من حجارة البيوت البازلتية في مختلف قرى الجولان التي دًُمرت ونقلت بعناية لتشييد المواقع الدفاعية الإسرائيلية،ومراصد عسكرية كمرصد “تل أبو الندى” والذي تم تشويه وتغير اسمه إلى ” هار ابيطال” وهو عبارة عن محطة ” سيسمولوجيا “ويقصد بها” الاستشعار عن بعد” ، لرصد أي تحرك تجرية أي قوات من القوات السورية، إضافة إلى قدرة أجهزته على رصد وتحديد درجة الغبار في الجو، ودرجة الحرارة، واي تحركات مناخية أم بشرية أم أليه .

في طريق العودة إلى مجدل شمس المرحلة الأخيرة من برنامج” مأساة لم ترو بعد” توقف بنا الباص أمام مكان كان يوما مركزا للعلم والمعرفة والحكمة عرف باسم ” مدرسة المنصورة”، لكنه اليوم حوله المستوطنين إلى حضيرة أبقار.

قيل عن الأديب العالمي وليام شكسبير انه طلب من مقربيه وأصدقائه ان يكتب على شاهد قبره ” ملعون من يحرك أو ينقل عظامي” ، لكنني أقول اليوم بعد أن رأينا ما رأيناه ” ملعون ألف مرة من ينقل حجارة منزل من مكانها، وملعون ألف لعنة أخرى،من يقصف ويدمر مدرسة من اجل حضيرة بقر ” اختتم سلمان فخرالدين جولتنا في طريق عودتنا إلى مجدل شمس، حيث كان لا بد من استكمال التراجيديا الجولانية في زيارة خط وقف إطلاق النار في وادي الآلام، قبل التوجه إلى مقر بيت الفن لتناول بعضا من الطعام قبل حلول الليل، وعودة الضيوف المشاركين الى مدنهم ةوقراهم في إسرائيل وفلسطين خاملين شريطا أخر من ذكريات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل…

عن astarr net

شاهد أيضاً

aboadnan

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة مشفوعة بالقسم لقادة إضراب الجولان الخمسة أمام المحكمة الإسرائيلية

من الارشيف: ملف قادة إضراب الجولان الخمسة- 1981- شهادة مشفوعة بالقسم لقادة إضراب الجولان الخمسة …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: النسخ ممنوع !!