بين الجولان واعزاز، ضابط سوري برتبة عريف، وكتاب القرأن الكريم، وخمسون عاماً من الاحتلال..
عشتار نيوز للإعلام/ القرى السورية المدمرة/ من الذاكرة اوطنية /
ايمن ابو جبل
ليصلك كل جديد عن الجولان السوري المحتل اشترك في صفحة الموقع بالضغط هنا
بين الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ أكثر من خمسون عاما ومدينة اعزاز في ريف حلب في الوطن السوري” المحتل” مسافة تقدر بــ 743 كلم ، ولقطع المسافة في السيارة تستغرق منا الطريق 10 ساعات متواصلةو-46 دقيقة بحسب خرائط غوغل…. حيث تتشابه الجولان واعزاز بالكثير من الصفات والمواقع الجغرافية والطبيعية والاستراتيجية والسياسية ..
بين اقصى الشمال واقصى الجنوب في خارطة الوطن السوري، يقف طفل، وضابط سوري برتبة فريق، وخمسون عاماً من الاحتلال، والقرأن الكريم.
هي ذاكرة حية ووجدان اصيل، حملها طفل سوري من الجولان لم يتجاوز عمره الـ 12 عاما آنذاك حين رسم في مخيلته ملامح جميله لوطنه العزيز، الذي حدثه عنه والده، وتخيل الطريق والشوارع والتلال في وطنه الكبير من أقصاه الى أقصاه ..
هنا في احدى المناطق النائية في سهل الحولة حيث زُرعت اليوم ببساتين واشجار الجوز، عثر الطفل فارس القلعاني على كتاب القرأن الكريم مرميا في احدى الزوايا، وقد غطته الاوساخ والاتربة المتراكمة، فحمله وازال التراب عنه بحرص وحذر، وبدأ يتصفحه وسط ذهوله وذهول والده الذي قرأ الصفحة الأولى منه وهي بطاقة تعريف بصاحب الكتاب الكريم …فقرر فورا ان يبقى القرأن الكريم امانة في عهدته …
لا زال فارس وهو مهندس مدني اليوم (57 عاما ) يحتفظ بأمانة قد تبدو صغيرة، لكنها بالنسبة اليه امانة عزيزة وغالية، ولعلها كانت اول درس تعلمه من أصول الحكمة وحمل المسؤولية، والوعد الذي قطعه لوالده قبل رحيله بالحفاظ على الأمانة، فعدا عن كونها بالنسبة اليه تحمل قيمة معنوية ووطنية وسياسية، فإنها تحمل ايضاً وجع واحلام والدته السيدة عطر القلعاني التي لا زالت تنتظر لقاء أهلها واقاربها داخل الوطن الذي يبتعد اكثر، انتظار يوازي سنوات عمر كتاب القرأن الكريم البعيدة عن بيت صاحبه في مدينة اعزاز … حيث ينتظر فارس وننتظر نحن معه أيضا ان يفشي أحدا ما في الوطن او الشتات السوري، هذا السر، وينقله الى العريف محمد ابن مصطفى طه الفارس ، ان كان حيا، او الى احد ابناءه واحفاده، او احد اقاربه او معارفه.. حيث تم شراء الكتاب من دكان السيد الحاج على الهواري في مدينة القنيطرة.. في تاريخ 18 كانون اول عام 1964 – 4 رمضان المبارك عام 1383. حيث وقع كتاب القرأن الكريم اسيراً لدى أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، وتخلص منه لاحقاً ...
اسوة بالآلاف الجولانيين وربما السورين أيضا، لم اسمع عن مدينة اعزاز، التي تسيطر عليها اليوم فصائل “المقاومة السورية” المدعومة من “تركيا، الا بعد احداث الثورة السورية في العام2011 وسيطرة المعارضة المسلحة عليها منذ العام2012، لكنني تعرفت عليها اكثر من خلال الصديقة الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم بنا، التي زارت المدينة ضمن قافلة الحياة للإغاثة الإنسانية عام 2013 التي قادها اتحاد الأطباء المصريين في سبيل لفت الانتباه إلى الأزمة الإنسانية في سوريا وتقديم المساعدات للشعب السوري. حيث كتبت حينها ” ذكرتني الهجرة التي رأيتها في سوريا بهجرة الفلسطينيين عام 1948. لقد كان الشعب السوري دائما بجانب الشعب الفلسطيني. سبب إشتراكي في القافلة هو ان اقول لهم انني كفلسطينية ان الشعب الفلسطيني بجانبهم دائما.
وأضافت في رسالتها “: وفي شغلة أخيرة حكيتها الهم … إنو أطيب ساندويشة ومشروب شربتو بحياتي في اعزاز ” لبن “آب “… بتشبه عرايس اللبنة اللي كانوا يطعموني اياها بالجولان .. “
الفنانة الراحلة ريم بنا في اعزاز 2013
في الحروب والنزاعات لا يوجد جنود وضحايا دون موت وجراح، لكن جراح السورين تختلف كثيرا فهي حرب نظام لا يرحم ولا يفرق بين بشر وحجر وشجر يخوضها ضد شعبه …جراح لا تزال تسبب بعاهات دائمة وجراح جسدية ونفسية لا تندمل مهما طال الزمان. فعار الهزيمة وعار الانسحاب من الجولان لا يتقادم مع الزمن…
صور الكتاب كما هو اليوم في امانة المهندس فارس القلعاني
ليصلك كل جديد عن الجولان السوري المحتل اشترك في صفحة الموقع بالضغط هنا