المفكر والباحث الدكتور اديب باغ . اول دراسة جغرافية إقليمية للجولان
عشتار نيوز للاعلام / شخصيات جولانية
جنازة الدكتور “باغ” في قرية “الجويزة“
ولد الدكتور “أديب سليمان باغ” في قرية “الجويزة” الشركسية عام 1928م من قرى محافظة “القنيطرة” في “الجولان” السوري المحتل، دخل عام 1936م المدرسة الابتدائية في قريته وحصل الشهادة في مدينة “حمص” عام 1941م، ثم قبل في مدرسة التجهيز الأولى “بدمشق” طالباً داخلياً ونال الشهادة المتوسطة عام 1944م بدرجة جيدة، وتابع الدراسة في “دمشق” حيث حصل على الشهادة الثانوية عام 1947م، وفي عام 1951م نال إجازة الليسانس في الآداب متخصصاً في الجغرافية من جامعة “دمشق” ثم دبلوم التربية، عمل بعدها مدرساً لمادة الجغرافية في المدارس الثانوية “بدمشق” بين عامي 1951م – 1954م، وفي 11/10/1954م أوفد إلى باريس لتحضير شهادة الجغرافيا العامة والحصول على شهادة الدكتوراه في الآداب، فتقدم بأطروحته عن إقليم “الجولان” إلى اللجنة الفاحصة في جامعة “السوربون” وحاز بعدها لقب دكتور دولة في الآداب وذلك بتاريخ 15/11/1958م، عاد بعدها إلى الوطن ليتم بتعيينه مدرساً في كلية الآداب “بدمشق” في 16/12/1958م، وعرف بأخلاقه العالية ومثابرته العلمية وحرصه الشديد على تشجيع أبناء “الجولان” على اكتساب المعرفة ومتابعة الدراسة الجامعية ما جعله محبوباً من طلابه وزملائه».
أما عن إنتاجه العلمي فكان غزيراً ومتنوعاً رغم حياته القصيرة فقد أعد باللغة الفرنسية التي كان يتقنها مؤلفين:
- الصناعة في سورية بين 1928- 1958″.
- “إقليم الجولان، دراسة في الجغرافية الإقليمية” والذي ترجم إلى العربية بعد مضي عشرين عاماً على وفاته. وترجم الدكتور “باغ” إلى العربية من الفرنسية بالاشتراك مع الدكتور “يوسف خوري” كتاب “المدخل إلى علم الجيولوجيا” تأليف “شارل كومبالوزية” وكان هذا العمل خاتمة إنتاجه العلمي، أما بالعربية فقد ألف المؤلفات التالية: “جغرافية أمريكا”، “البيئات”، “الحيوية والتراب”، “جغرافية استراليا”، “جغرافية آسية”، بالإضافة إلى غيرها من المؤلفات المشتركة مع كتاب آخرين من أساتذة الجامعات السورية من أمثال الدكتور “صلاح الدين عمر باشا” والأستاذ “داوود صليبا” والأستاذ “عمر الحكيم” والأستاذ “محمد كرد علي”.
- كرس السنوات العديدة لدراسة منطقة “الجولان” التي هي مسقط رأسه وموطنه، وقدم صورتها بشكل مدهش تظهر جميع تفاصيلها وعناصرها الطبيعية بكل مكوناتها الباهرة كريشة فنان مبدع، إنه الأب الروحي للدارسين والباحثين في تاريخ “الجولان” الحديث الدكتور المرحوم “أديب سليمان باغ” هذا المفكر والباحث الذي قدم دراسة جغرافية إقليمية للجولان ما تزال مرجعاً دائماً لكل المهتمين وأصحاب الاختصاص.
ولعل من المدهش حقاً أن يقوم الدكتور “باغ” بدراسته العبقرية هذه قبل احتلال “الجولان” بما يقارب عشر سنوات، ما يجعل هذه الدراسة حافظة تاريخية للكثير من المعالم التي قد تضيع بفعل الاحتلال الغاشم ومحاولات التزوير التي ينتهجها باستمرار دون أي رادع دولي أو قانوني، لقد أبدع الدكتور “باغ” في وصف أدق التفاصيل الجغرافية من تضاريس ونبات ومناخ وغيرها، بالإضافة إلى السكان وتنوعهم البشري وطرائق معيشتهم ودياناتهم ومذاهبهم والزراعة والآثار التاريخية، فكان هذا العمل كنزاً معرفياً حقيقياً يحفظ بماء الذهب للأجيال القادمة، وقد قدم الدكتور “باغ” هذه الدراسة عام 1958م إلى جامعة “السوربون” في “باريس” لنيل شهادة الدكتوراه.
وقد استمر هذا العبقري مثابراً على نشاطه العلمي الخصب في التأليف والتدريس في جامعتي “دمشق” و”عمان” إلى أن توفاه الله صبيحة يوم السبت الواقع في 21 آذار عام 1964م قبل احتلال الجولان السوري الحبيب بثلاث سنوات بعد مرض لم يمهله إلا أسبوعاً واحداً ليدفن في قريته “الجويزة” التي أحبها كثيراً حيث كانت جنازته أكبر جنازة شهدها الجولان، مخلفاً أسرته وأبناءه الأربعة وتلاميذه الكثر وزملاءه وأصدقاءه الذين فاجأهم نعيه الخاطف».
المصدر: الأستاذ “عدنان محمد مصطفى قبرطاي” الباحث في تاريخ “الجولان